سقطت بعدها مغشيًا عليها فضمها لصدرُه و حملها مقربًا رأسها من عنقه ثم خرج بها من الغرفة و من ثم المشفى بأكملها، أجلسها في السيارة جواره و لم يذهب على القصر، بل قرر الذهاب لـ إحدى شقق المعادي التي يمتلكها، يعلم أن وجودها في القصر سيجعلها تزداد سوءًا، إبتاع عده أشياء قد تنقصهم في تلك الشقة قبل أن يصل، و عندما وصل وكانت هي لاتزال نائمة ولكن بأحضانه، صفَّ السياره جانبًا ثم حملها بين ذراعيه و صعد بها بالمصعد، كانت نائمة بعمق و كأنها تهرب من واقعها معه، فتح باب الشقة بهدوء ثم دلف ليضعها على الفراش، مال عليها و قبَّل جبينها بحنان، ثم دثرها جيدًا وخرج ليبدأ في تحضير الطعام لها، وعندما إنتهى أخذ الصينية و إتجه لها، جلس أمامها ليمسك بكفها البارد و لثمه بحنان، ثم بدأ في مناداتها علَّها تستفيق، ربت على وجنتها برفق فهمهمت بضيق و كأنها باتت ترفض حتى لمساته، و بالفعل إستفاقت و فورما وجدته أمامها حتى إنتفض جسدها كمن لدغها عقرب، نظرت له بخضة وأخذت تتراجع و هي تصرخ به بعنف:
- بتعمل إيه إبعد عني .. متحطش إيدك عليا إياك!!! إبعد عني إبعد!!!!
حاول تهدأتها ليبتعد عنها قليلًا يقول بصوته الأجش:
- حاضر .. هبعد بس ممكن تاكلي؟!
نظرت للصينية الموضوعه أمامه وبإندفاع شديد أزاحتها بظهر يدها لتقع أرضًا فيتناثر الطعام، أغمض عيناه يهدأ من روعة مبررًا لها بأن لها الأحقية فيما تفعل فما حدث لها لم يكن باليسير، و ليمتص غضبها هتف بهدوء:
- فداكِ!!!
رمقته بغضب و إندفعت نحوه تمسك بياقة قميصه المهندم:
- طلقني .. سامع ولا أعلي صوتي أكتر!!!!
- على جثتي تبعدي عني!!!
قال بحدة و كأن هذا الأمر الوحيد ما يثير غضبه، فأغمضت عيناها لتجهش في البكاء و هي تردف بألم نفسي رهيب:
- خلاص يبقى على جثتي أنا!!!
قطب حاجبيه بعدم فهم ثم قال:
- قصدك إيه!!
طالعته بأعين نارية و هي تقول:
- قصدي إنك لو مطلقتنيش .. هموت نفسي!!!!
رفع أحد حاجبيه بصدمة، ليمسح على وجهه بعنف، حاوط خصرها بذراعه فـ تلوت بين ذراعيه و هي ترتجف صارخه به لكي يبتعد و لكنه صرخ بها بحدة:
- إهــدي بقى شويه!!!!
إنتفض جسدها من صراخه لتصمت و كامل جسدها يرتعش، فـ زفر بإختناق ليحاوط وجهها بكفيه يُردف بصوتٍ هادئ محمل بالحُزن:
- ده أنا أقتلك .. و أقتل نفسي وراكي لو فكرتِ تعملي حاجه في نفسك!!
طالعته بحقد ثم دفعته من صدره ليبتعد عنها فزمجر بغضبٍ، فصاحت بوجهه بجنون:
- إبعدي عني وطلقني!!! أنا تعبت منك و من حياتي معاك!! طلقني وكفاية أوي لحد كدا إنت دمرتني و دمرت حياتي بما فيه الكفايه!!! عايز مني إيه تاني؟ خلاص إنت خلصت عليا يا فهد .. فاهم يعني إيه خلصت عليا؟!!
إقترب منها و حاوط وجهها مكوبًا إياه بكفيه يردف بأسفٍ:
- مكنتش أعرف إن ده اللي هيحصل، أنا .. أنا فعلًا مكنتش عايزه بس لما عرفت .. إنه مات .. زعلت!!
إبتسمت ساخره، تردف بمراره:
- لا يا شيخ، إيه طلع عندك قلب وبتحس زينا كدا عادي؟! لاء مش معقول!!!
- نجيب طفل تاني، خلاص أنا إقتنعت وعايز منك دستة عيال مش عيل واحد، بس متبعديش عني!!!
ضحكت حتى أدمعت عيناها، جنّت، نظرت له بأعين كارهة تردف:
- بس أنا بقى مش عايزه عيال منك!! عارف ليه؟ عشان إنت أصلًا مينفعش تبقى أب، مينفعش تاخد اللقب ده يا فهد، الطفل ده ربنا رحمُه عشان متبقاش إنت أبوه!!! إنت مينفعش يتقالك بابا سامعني ولا لاء!!!
كانت تدرك تمام الإدراك ماذا ستفعل كلماتها بقلبه، قاصده إيذاءُه بكلماتها مثلما يفعل دائمًا بأفعاله، نظرت لمِحياه .. و عيناه التي أُغمضت، وفكُه الذي شرع في النبض، و للحظة ندمت على كلماتها، فهي تعلم شعوره الآن تمام العِلم، نظرت له و هي تتنفس بصعوبة وكأن قلبها هي ما يتألم لألمه الآن، تابعته بعيناها و هو يبتعد عنها ويخرج من الغرفة و من ثم من الشقة بأكملها صافعًا الباب خلفه، ركضت تاليا ناحية الشرفة لتراه، وبعد دقيقتان وجدته يستقل سيارته و يذهب بها بأقصى سرعه لديه، إنهارت أرضًا من شدة الحزن و أخذت تبكي حتى كاد أن ينفطر قلبها، و لكنها ستبتعد، ستبتعد و إن كان قرارها سيؤلمها فلتتألم، فهي تتألم بقربه و ستتألم ببعده، و لكن ستتألم بشموخٍ و هي بعيده عنه و هذا يكفيها، ستعلمه إحترام النِعم بحياته، و ستجعله يتعلم كيف يحافظ عليها!!!!
نهضت بعد وصلة ليست بالقليلة من البكاء ثم إتجهت ناحية باب الشقة وكما توقعت مُوصد بالمفتاح، ضربته بقدمها ثم دلفت لتجلس فوق الفراش، تفكر بعمق في الخطوة القادمة حتى حسمت قرارها!!
• • • • •
دلف للشقة بعد منتصف الليل، فوجدها مظلمة تمامًا، أشعل بعض الأنوار ثم دلف لغرفته، فـ لم يجدها، شعر بقلبه يسقط أسفل قدميه لينادي عليه و هو يتجه للغرفة المجاورة، فوجدها مغلقة و الباب مُوصد، إشتعلت عيناه من شدة الغضب ليضرب على الباب بعنف صارخًا بها:
- تاليا!!! إفتحي ابن الكلب ده!!!!
كانت جالسة بالداخل تبتسم بـ شرٍ، فـ صوته و هو غاضب يجعل من نيران قلبها تهدأ قليلًا، تركته يصيخ و يصرخ لكي تفتح الباب ولكن إنتفض جسدها عندما شعرت بـ باب الغرفة يهتز و كأنه على وشك كسره فأسرعت ناحية الباب واقفة خلفه تقول بحدة:
- عابز مني إيه سيبني هتخمد!!!
صرخ بها بقسوة و هو يضرب الباب بقدمه:
- تيجي تتخمدي جنبي و في أوضتي مش لوحدك!!!
ضربت الأرض بقدميها تصيح به:
- حاجه متخُصكش أتخمد فين!! أنا لا طايقاك ولا طايقة أقعد معاك في مكان واحد أصلًا!!!
تأفف بضيق يحاول التحكم في أعصابه التي تلفت، ليردف بهدوء زائف:
- طبب إفتحي الباب نتكلم عشان مكسروش على دماغك دلوقتي!!!
- لا والله؟!! وريني هتكسره على دماغي إزاي!!!
أغمض عيناه يضرب الباب بكفه:
- تاليا قسمًا بالله أنا مش طايق نفسي، متتحدينيش عشان حقيقي أنا على آخري!!!
- يبقى سيبني في حالي و ملكش دعوه بيا!!!
- طب تعالي نامي عندي في الأوضة و أنا هنام هنا
قالت بقسوة:
- لاء، مش طايقة أشم ريحتك في الأوضة!!!
كلماتٍ كخناجر مسمومة تُلقى في قلبه للمرة الثالثة على مدار اليوم الملعون هذا، أغمض عيناه و لم تسمع منه سوى كلمة واحده و من ثم غادر:
- تمام!!!
بهذه السهولة غادر؟ تنهدت بضيق، هو لا يعلم أنها تتألم أكثر منه عندما تجرحه بكلماتها، أغمضت عيناها و هي تتجه ناحبة الفراش تحاول أن تنام ولكن دون جدوى، أخذت تسترجع كل ما حدث اليوم و ظلت تبكي حتى تورمت عيناها، حتى أنها غطت في نومٍ عميق من شدة إرهاقها!!
لم تكُن تاليا تعلم بأن فهد يستطيع الوصول لها بيُسرٍ، فـ شرفته و شرفتها في نفس الخط، لذا بعد ساعتان عندما وجد بكائها إختفي وهو يسترق السمع لها عبر شرفته، تنفس الصعداء عندما نامت، فـ دلف لغرفتها عبر الشُرفه، دلف بحذرٍ و إتجه ناحيتها، يحمد ربه بأن زوجته نومها ثقيل ولا تستفيق بسهوله لذا جلس جواره و تمدد قليلًا ليحاوط كفها بكفه ثم قبله بحنان، و همس بخفوت و صوتٍ مُهتز حزين:
- فاكره إني هعرف أبعدك عني؟ مش قادر ياتاليا، إنتِ زي المرض اللي ماسك في جسمي و مش عارف أخف منه، مش عايز أخف منه، إنتِ حتة مني يا تاليا، إنتِ جوايا! الموضوع معقد و مش هتعرفي تفهميه، كل اللي عايزك تفهميه دلوقتي إني مش هعرف أبعدك عني و لا أبعد عنك!!!
لثَّم جبينها بعشق و أزال الدمعات العالقة بأهدابها ثم قبل أرنبة أنفها و دثرها جيدًا ليبتعد عنها يخرج من نفس المكان الذي دلف منه و كأن شيئًا لم يكن!!
• • • •
جالسة على الفراش تشعر بمعدتها ستتمزق من شدة الألم، فهي جائعة و لم تأكل منذ البارحة، وبالطبع هو ذهب لعمله ولم يتذكرها، حزنت على حالها وكانت على وشك البكاء ولكنها وجدت الباب يُطرق فإنتفض جسدها و هي تسمع صوته الرخيم يقول بهدوء:
- إفتحي يا تاليا!!!
نظرت للباب بتردد و لكنها قالت بكبرياء:
- لاء!!!
هتف بنفس الهدوء متحكمًا في أعصابه:
- لو سمحتِ إفتحي!!
تأففت بضيق مصتنع ثم نهضت لتفتح الباب واقفة على عتبته فصدمت من صينية الطعام كبيرة الحجم التي يحملها بين يداه، أبعدها برفق من أمامه و إتجه ناحية الفراش، ثم وضع الصينية فوق قدميه لينادي عليها:
- تعالي!!
فلتت أعصابها لتقول و هي تكتف ذراعيها بضيق واقفة خلفه:
- آجي فين معلش؟ إنت إيه البرود اللي فيك ده!!
تغاضى عن كلمتها تلك، وقال بنفس الهدوء:
- تعالي أقعدي قدامي!!!
- لاء!!
قالت بعناد، فـ هتف و هو ينظر للفراغ الذي أمامه:
- تعالي يا تاليا مش هعيد تاني!!!
ضربت قدمها أرضًا بعصبيه تنظر لظهره العريض قبالتها تقول بحده:
- وأنا قولت لاء ومش هعيد تاني!!!!!
وضع الصينية فوق الفراش ثم إتجه ناحيتها بطوله المهيب و نظراته لا تبشر بالخير، تراجعت للخلف بخوف من قدومه ناحيتها، و لم تجد نفسها سوى و هي مُعلَّقة بالهواء، فشهقت برعب و بلا وعي منها تمسكت بعنقه كالأطفال فإبتسم و هو ينظر لها، تمنى لو بإستطاعته أكلها أكلًا، عندما إستوعبت حماقة فعلتها ضربته على صدره بكفها تقول بحده و صوتٍ مهتز:
- إنت بتعمل إيهه نزلني!!!
جلس على الفراش و أجلسها بأحضانه على قدمها فأخذت تتلوى بين يداه لكي تنهض ولكنه كان محاوطها بذراعيه بشكلٍ يجعل من المحال أن تفلت منه، ليقترب من أذنها هامسًا لها بخبث:
- إفتكري إني بمنتهى الإحترام قولتلك تعالي أقعدي و إنتِ صممتي تقلي أدبك، و إنتِ عارفاني بموت في قلة الأدب!!!!
نظرت له بطرف عيناها والشرر يتطاير منهما، فهتفت بضيق شديد:
- طب نزلني وهقعد قدامك!
حاوط خصرها بذراعٍ واحد و الأخر أمسك به الملعقة ثم ملأها من محتويات الطعام ليقول بإبتسامة باردة:
- لاء مـ إنتِ ضيعتي فرصتك خلاص!!
أخذت تضرب قدمه بقدميها و لكنه لم يبدي أي ردة فعل وكأنها تدغدغه ليس إلا، شرع في إطعامها فأغلقت فمها مطبقة شفتيها تنظر له بتحدٍ، مما جعلها يقربها من صدره أكثر ضاغطًا على جسدها فشهقت من جرأته اللامتناهية و عندما فتحت فمها أطعمها هو و هو يبتسم بإنتصار، إغتاظت من فعلته لتضربه بكفيها على قدميه بحده، فتنهد يردف بنفس المكر:
- لمي إيدك بقى عشان متهورش أكتر من كدا، و إفتحي بُقك اللي عايز يتاكل ده عشان مفتحوش أنا بردو!!!
نظرت له بصدمة لتردف بعدم تصديق:
- قسمًا بالله إنت قليل الأدب!!!!
قأطعمها و هو يبتسم بهدوء يردف بثبات:
- لسه واخده بالك ولا إيه!!
قررت إيلامه مجددًا لتقول بحده:
- طب إبعد عني بقى عشان بجد مش طايقاك يا فهد!!
- مش مهم!!
هتف ببرود و هو يكمل إطعامها غصبًا، فـ تحدث و هي تدير وجهها للجانب لكي تنظر له قائلة بضيق:
- إنت فاكر إني مش فاهماك، إنت ضميرك واجعك بس مش أكتر، مش عايز تروح شغلك و إنت سايبني من غير أكل فـ عايز تخلص من الحتة اللي واجعالك ضميري عشان تمشي و إنت مرتاح!
- إنتِ هبلة ولا عبيطة، أنا لا رايح الزفت ولا رايح ف حتة، هقعد معاكِ!!!
قالها بعصبيه متخليًا عن هدوءه تلك المرة! فقالت ساخرة:
- لاء روح أنا مش عايزاك تقعد معايا، لو فاكر إنك لما تبقى معايا هبقى كويسة تبقى غلطان أنا حالتي بتسوء أكتر!!!
- إسكتي يا تاليا!!
قالها بضيق فـ همَّت بالحديث و لكنها وجدته يطعمها وكأنه يريدها أن تسكت عنوةً، و عندما أنهى الصحن قبّل وجنتها بعمق و تركها فمسحت قبلته قاصده صارخة به و هي تراه يبتعد عنها يخرج من الغرفه:
- بردو بكرهك يا فهد يا صاوي!!!
إلتفت لها و أرسل لها قبلة في الهواء ثم هتف بإبتسامة!:
- وأنا بموت فيكِ يا قلب فهد الصاوي
• • •الفصل صغير خالص عارفه والله، بس عشان ألتزم بالوعد اللي إديتهولكوا وأنزله الأربع، بحبكوا جدًا و كل الكومنتس بتاعتكوا في قلبي والله♥

أنت تقرأ
انتقام ملغم بالحب - للكاتبة سارة محمد
Romanceمدّ كفُه و قبض على ذراعها بقسوة، ثم جذبها لمنتصف الغرفة حتى وصل إلى الفراش، لتتفاجأ به يُلقيها عليه بقوة فأختل توازنها لتسقط على ظهرها، تنظُر له و الذهول قد ملئ أعيُنها!!! بدى و كأنه لم يرى نظراتها المذهولة، ليُميل عليها يُحاصرها بذراعيه المفتولين،...