في قاعة أفراح تنُم على فخامةٍ ليس لها حدود، تكدستَ بالمرءِ، و ملئتُها الفرحة في أوجه الجميع عداها، الجميع فرِح يرقُص و يُهلل، بينما هي جالسة على تلك الأريكة المُزينة برُقي، تشبُك أناملها ببعضٍ، تنظر أمامها بنظرات خاوية فارغة، و أعينها العسليتان تبرُقا بدمعاتٍ مُحتبسة داخلها رافضة الأنهمار، مرتدية ثوبٍ أبيض كان من ضمن أحلامها، أن تزُف بثوب أبيض إلى الشخص تحبُه و يُحبها، و ها هو الثوب الأبيض ترتديه و الذي كان عليها أجمل مما تخيلت، ألتفتت برأسها و خصلاتها الطويلة التي تركتها مُتحررة منسابة على ظهرها، تنظُر لمن جلس جوارها، رجُل أقل ما يُقال عنه أجمل ما رأت مقلتيها ، رجُل أمتلك قلبها في أقل من دقيقة، بل و حاز على عقلها في وقتٍ لا يُذكر، متأنقاً في بذلتُه السوداء، و جالساً بهيبة لا تروق لـ سواه من يراها يظن أن ها قد تحققت جميع أحلامها، ثوب أبيض و عِرسٍ يتحاكي الجميع به و سيظلوا يتحاكون حتى بعد مرورِ أعوام، و رجُل لا تحبُه، بل تُهيم به عشقاً، مغرمة به، يقال أن الغرام يتخطى الُحب بمراحل، و هي تجزم أنها حتى قد تخطت مرحلة الغرام معه، و لكن ينقصها حبُه، قلبُه، الذي لم تستطع الحصول عليه إطلاقًل، حبُه الذي أخفقت في نيلُه، نظرت تجاهه بعيناها الحزينة إلى ملامحه الوسيمة، بِدءًا من خصلاته البنية، مرورًا بعيناه الزيتونية، و أنفه الحاد، و شفتيه المرسومتان بإبداعٍ من الخالق سُبحانه، عادت تنظر لعيناه المثبًتة أمامه، و القسوة و الجمود التي تحويهما تلك العينان، تنظُر لمقلتيه الخاليتان من الرحمة، واللتان يُزعزعا قلبها عندما ينظران لها، لا تعلم خوفاً .. أم عشقاً!، رفعت أناملها التي ترتجف تُعيد خُصلة من خصلاتها البُنية خلف أذنها، لتنظر إلى الأرضية و الحزن قد تملّك منها، تُغمض عيناها تحاول إرغام ذهنها على نسيان كلماته هذا الصباح، لرُبما لو لم يُلقي بوجهها تلك الكلمات، لكانت الأن أسعد إنسانة في على وجه الكرةِ الأرضية بأكملها، ليتُه لم يقولها، ليتُه تركها عمياء، ما أجمل العمى عندما تفتح عيناك على مشهد قبيح لم تكن تتخيل رؤيته يومًا، ليته ترك السعادة تغمُر قلبها ولو قليلاً .. أم أن الشقاء موصوم فوق أسمها دائمًا!
عادت تفتح عيناها عندما أتاها صوتٍ، صوتٍ تحفظُه عن ظهر قلب، صوت قد إمتلئ قسوةٍ ليس لها مثيل و هو يُخبرها بجمودٍ لم ترى مثله من قبل:
- أضحكي .. متحسسيش حد بـ حاجة!!إبتسمت، إبتسامة ساخرة نبضت حُزنًا، تنظر أمامها بأعين مُسبلة حزينة، و قلبها يإن من شدة الألم، يخبرها أن تبتسم .. لا يعلم صعوبة تلك الأبتسامة و قلبها يبكي بين ضلوعها، كيف يطلُب منها أن تُزيف حقيقتها مثلما فعل معها! شعرت ببرودة أطرافها و تبلُد كامل جسدها عندما رأت أبيها يتقدم منها، أكثر رجُل تكرهُه بحياتها، أكثر رجُل دمّرها و جعل منها فتاتٍ تحاول لملمتهم علها تُعيد ذاتها القديمة، نظرت له و القوة ملئت أعيُنها عكس الحزن الذي كان متلبسها منذ فترة، ثم نهضت في مواجهته، كالجبل الذي لا يتزحزح، رأت في عيناه غيظٌ شديدٌ منها، من تلك القوة التي صنعها هو بيدُه بقسوته عليها، القسوة التي تجسدت بحدقتيها أثر ما تعرضت له من قسوة!، تقدم أبيها منها و الذي كان رجل يناهز الخمسينات، و رُغم ذلك لم يظهر عليه عمرُه لجسدُه الرياضي، و قوة بنيانُه، ذلك البياض الذي غزى خصلاته يُعطيه وقار ليس من سماتُه، أتجه ناحية أبنته بأبتسامة قاسية أرتسمت على شفاهِ، ثم وقف أمامها، و فجأة قبض على ذراعها بقسوة ليس لها مثيل، و نظر إلى الأخير الذي كان يُراقب كل هذا بجمود تام غير ملاحظٍ لقبضة أبيها القاسية فوق ذراعها، ليُردف بأبتسامة سمِجة:
- بعد إذنك يا فَهد، هاخد عروستك منك دقيقتين و هرجعهالك!!!
أنت تقرأ
انتقام ملغم بالحب - للكاتبة سارة محمد
Romanceمدّ كفُه و قبض على ذراعها بقسوة، ثم جذبها لمنتصف الغرفة حتى وصل إلى الفراش، لتتفاجأ به يُلقيها عليه بقوة فأختل توازنها لتسقط على ظهرها، تنظُر له و الذهول قد ملئ أعيُنها!!! بدى و كأنه لم يرى نظراتها المذهولة، ليُميل عليها يُحاصرها بذراعيه المفتولين،...