الفصل الخامس عشر

8.5K 183 18
                                    

بعد مرور شهر كامل من الإستقرار و الهدوء في علاقتهما، كان فهد شديد الحنان معها في كُل شئ، تكاد تُجزم أنه لم يغضب منها طيلة ذلك الشهر مهما فعلت من حماقات، بل يُعاملها كالطفلة ويناقشها و يسايرها في أحيانٍ كثيرة، فتذكُر تلك المرة التي غضبت بها و إنتفخت أوداجها بلا سببٍ واضح، فهي باتت تشعر بتغيُر كبير في مزاجها، تغيُر للأسوأ، فتعالى صوتها عليه دون قصدٍ منها، و عندما إستوعبت الأمر نظرت له كالجرو بـ ندمٍ مُمتزج بخوفٍ كبير منه، فـ كم يكره أن يتعالى صوت فوق صوتُه، مما جعلها تتوقع ردة فعله في مخيلتها و التي ستكون إما أن يغضب أو يقذف بـ مزهرية مسكينة أرضًا، ولكنها صُدمت و عيناها إتسعت عندما وجدته ينهض من فوق الأريكة و يتجه نحوها، و بحنوٍ يتلقّاها بأحضانه مُقبلًا مقدمة رأسها كي تهدأ، فتُسارع بالبكاء بين يداه ندمًا عمَّا فعلت و عشقًا لهذا الشخص الممتثل أمامها، تظل تبكي بأحضانه و هو يُهدهدها كأنها طفلته و دون مللٍ يظل يُربت على ظهرها ماسحًا فوق خصلاتها كي تهدأ فينتهي بها الأمر متوسده أحضانه فوق الفراش نائمة بعمق كعادتها من أيام تنام كثيرًا و في أوقات متفرقة!!
ما جعل الأمر يزداد سوءًا بمرور الأيام هو إنقطاع الدورة الشهرية مع إستفراغات قويه دون علمُه، كل هذا جعلها تتشكك في أنها ربما تكُن حامل! ولكن تتسائل كيف وهي حريصة دائمًا على أخذ حبوب لمنع حدوث الحمل، ولكن المرة الوحيده التي لم تفعل بها كانت تلك التي قبل شهر، و من بعدها كانت تأخذها بإنتظام رغم رغبتها الشديد في أن تكون أم و لكنها كانت لا تود الإبتعاد عنه في نفس الوقت، شددت بين قبضتها على إختبار حملٍ كانت قد جلبته عندما أخبرت فهد في الهاتف بـ أنها ستذهب للصيدلية لكي تشتري بعض المشتريات، فوافق مع وجود الحراس خلفها، و بالفعل إبتاعت ذلك الإختبار مع أشياء أخرى كانت تنقصها، ثم أسرعت بالإتجاه بسيارتها للقصر و ها هي تقف في المرحاض ممسكة إياه و التوتر ظاهر على وجهها و حركات جسدها، أغمضت عيناها و هي تدعو ربها أن تكن ليست بحامل الآن على الأقل إلى أن تقنعه بالأمر .. و لكن يشاء ربُك أن بعد خمسة عشر دقيقة فقط من تجربة الإختبار المنزلي، تقف ممسكه به ودموعها تهطل دون توقف لا تعلم حزنًا أم شوقًا لقطعة تكبُر داخل أحشائها، طالعت الخطَّان الملونان بالأحمر و عيناها لا تتوقف عن ذرف الدمعات، حاوطت معدتها بحنان و كأنها تحاوطه هو، قلبها يخفق بعنف و عقلها يزجرها في إستخدامه لكي تخبر فهد، قررت أنها اليوم ستخبره، نعم .. ستقنعه و سترفق له صور متنوعة لأطفالٍ علّ قلبه يحن و يلين معها، و بالفعل مسحت دمعاتها و تخلصت من الإختبار في سلة المهملات، ثم خرجت من المرحاض و بدأت في الإستعداد، كانت الساعة الخامسة بعد العصر و قرب غروب الشمس، من المفترض أن يكُن هُنا في خلال ساعتان و أربعون دقيقة، و كان ذلك وقتٌ كافي لتبدأ في تجهيز الطعام، أشهى أنواع الأطعمه التي يعشقها، وعندما أتمت الطهي وساعدها في ذلك الخدم ولكنها كانت حريصه ان تطهو بيدها، أسرعت لجناحها لكي تتجهز و أعطت للخدم إستراحه اليوم ليذهبوا لبيوتهم و هذا ما حدث، إرتدت ثوب نبيذي اللون قصير يصل لما قبل الرُكبة، ملتصق بجسدها فـ برز مفاتنها من أسفله و جعلها أنثى متفجرة الأنوثة .. بارزًا إعوجاج خصرها مع أكمام منتفخه بقماش من التُل الرقيق و يضيق من عند الرسغين، إبتسمت عندما إرتدته فقد كانت تشبه فتيات عائلة ملكية من أثرياء المجتمع، قررت تجعيد خصلاتها لأنها تعلم أن فهد يحب خصلاتها مجعدة غجرية، كم كان يخبرها أن يعشق دفن أنفه بكومة خصلاتها الغجرية و يغرق حد العِشق، إبتسمت بلُطف ثم بدأت في وضع أحمر شِفاه باللون النبيذي القاتم فـ راق لبياض بشرتها، قررت جعل زينتها ثقيلة خصيصًا اليوم، و لكن هي تعلم أن من الممنوعات في بداية الحمل إقامة علاقة و لذا هي خائفة و متوترة و لا تستطيع أن تحدد أو تخمن ماذا وكيف ستكون ردة فعله عندما تخبره بحملها، إنتهت من زينتها و كان متبقٍ نصف ساعه جهزت بهما السفرة بشكلٍ يخطف الأبصار و أشعلت ضوء أحمر هادئ مريح للأعين مع ضوء الشموع و الورود المنثورة بجوار أطباق الطعام فكان الأمر أشبه بلوحة فنيه قد رسمتها هي بأناملها، أخذت هاتفها و حادثته فأخبرها أنه متجهًا بسيارته ناحية القصر و في غضون دقائق سيكُن أمامها، بدأت معدتها تؤلمها أكثر من شدة التوتر و الخوف، أشعلت موسيقى هادئة ولكن إنتفض جسدها عندما سمعت صوت سيارته بالخارج، إزدردت ريقها ولكن غلبها شوقها لديها فأسرعت بقدميها الحافية و خلخالها الرنّان بطريقة جذّابة في الركض ناحية النافذة الزجاجية لتجده يترجل من السيارة بتلك الهيبة التي تجعل أنفاسها حبيسة رئتيها، لم ينتبه لها و أكمل سيره، فشعرت ببعض الأسى و هي تردد بداخلها بحزن أنها لا تقوَ على فقدانه، كيف تحيا بدونه؟ كيف ستتنفس و ليس بجوارها؟ كيف ستخسرهُ؟ هل ستخسرهُ؟
أسرعت ناحبة الباب تزيح عنها تلك الأفكار تُمني نفسها أن كل شئ سيكون بخير، و قبل أن يدس المفتاح في الباب فتحت هي له بطلتها التي سلبت أنفاسه، ناظرها بصدمة ليطلق صفير و هو في غاية الإعجاب، وأسرع يمسك بطرف أناملها و يلفها كالأميرة فتبتسم فـ يُبدي إعجابه الشديد بها و هو يقول:
- إيه الحلويات دي؟

انتقام ملغم بالحب - للكاتبة سارة محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن