-52- تباين

252 25 381
                                    


...

فتحت شارلوت عينيها على مرأى خصلات ذهبية تداعبها الرياح، ظنت في البداية أنها ماشميا تفتح النوافذ لتُدخل بعض الهواء العليل وتوقظها لكن حين إلتفتت مصاص الدماء الشاحبة نحوها ورمقتها بنظرة ودود من عيونها الذهبية شارلوت ابتسمت.
"مرحباً سيلست."
نبست.

"يا له من شرف عظيم يا جلالتك."
سيليست أمسكت بأطراف فستانها وانحنت، خصلاتها الحريرية تتدلى حول وجهها فتجعلها أكثر جمالاً.

"لم أرك منذ زمن طويل، لما تظهرين الآن؟"
شارلوت سألت بغصة، رؤيتها لسيلست في حلم يقظة لم يكن أمراً توده بحق.

"دماء مصاصيها غامضة."
استقامت الأميرة وأجابت بموضوعية جعلت شارلوت تتلمس بطنها الممتلئ وتتبسم باستدارك مرير.
"أرى، هذا حدث لأنني ارتشفت من دماء إيدغار."
كانت ترى في البدايات صوراً من حياة هيروزيوس لتغذيته إياها باستمرار لكنها لم تستطع التحدث معه قط، ودت لو تعرف الفرق بين الحالتين لكن سيلست محقة، الكثير من أمور روابط الدم بين مصاصيها غامضة ولا يمكن تفسيرها.

"مبارك ما سيأتيكِ."
سيليست هنأتها ببسمة ودود فعبست شارلوت معاتبة:
"ماذا عما سأفقد يا سيل؟"

"أن نفقد ونتحصل، هكذا تسير الحياة حتى بالنسبة لنا."
سارت سيلست صوبها وجلست بجانبها، تتلمس كفها برقة، بشرتها دافئة كالشمس.
"ستكون الأمور على أتم ما يرام يا شارلوت."
بسمتها جعدت عينيها وجعلت شارلوت الشبه مغيبة عن الوعي في مقعدها الوثير تستيقظ بالدموع في عينيها.

هيروزيوس بجانبها كان يرسم دوائر متمهلة على باطن كفها بسبابته في حركة جعلتها -ولو قليلاً- تسترخي. لطالما كان تقليب كفوفها بين أنامله يشعرها بالراحة لكن الخدر الذي تحس به للجفاف الذي سبق قدرتها على تحمل الشرب تركها فاقدة للإحساس. حقيقة أنها ترى حركته فحسب وحدها ما ساعدتها على تخيل الشعور والهدوء.

"ما رأيك بالعودة للسرير الآن؟"
سأل هيروزيوس بخفوت وهي هزت رأسها للجهتين على مهل قبل أن تثني شفاهها بابتسامة شبحية وتجيب:
"لقد استيقظت للتو فقط."
كانت -ورغم أن الأمر مختلف- تخاف السقوط في سبات أخر قد يفتك بأطفالها.

"شارلي..."
تنهد هيروزيوس لتسدل أهدابها لوهلة وتضيف:
"أنا لا أستطيع قول أجل لك هيرو، لكن يمكنني الاعتذار عن الألم الذي أتسبب به لك مراراً يا شمسي، أنا آسفة."

"أنا لا أستطيع قبول هذا الاعتذار."
رفع يدها نحو وجهه وقبل باطن كفها لتقهقه لحركة شفاهه التي دغدغتها بحق.

"منذ أن عدتَ لقضاء الوقت بقربي شعرت بأن المشقة هانت."
نطقت مصارحة أما هو فصمت لا يدري ما يقول فلم يكن عزلها إلا لمصلحتها وليست رفقتها الآن لشيء آخر، هو يحاول كل ما بإستطاعته.

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن