-9- شِقاق الزهور

5.7K 377 289
                                    


"لونا!"
سائراً خلفها في الممر الفاره نادى لكن لم يتلقى استجابة من تلك التي مازالت تهرول بغضب أمامه.

عقد حاجبيه بإنزعاج قبل أن يختفي ويظهر أمامها مباشرة ممسكاً بكتفيها ليسأل:
"ما خطبكِ تتجاهلينني منذ أيام؟"

"أنت تعلم ما خطبي زافير."
تمتمت بجمود وهي تصفع يداه عنها ليتراجع خطوتين للخلف بعيداً عن مساحتها الخاصة مردفاً:
"أحقاً؟"

"لا تتغابى! أنت كنت تعلم أن شقيقتي الصغرى كانت معهم لكن عوضاً عن إخباري قمت برمي مباشرة في وجهها!"
أجابت بإنفعال وهي تلوح بسبابتها المرتجفة في وجهه.

حدق بسبابتها للحظات بلا ملامح تذكر لتتنفس الصعداء وتخفض يديها شابكة إياهما خلف ظهرها قائلة:
"عذراً."

"أنا متأكد بأن الأمر لم يزعجك بقدر ما أسعدك وأراحك."
قال بهدوء مبتسماً لتشيح بوجهها مجيبة:
"صحيح. لكنني كنت خائفة من ردة فعلها. أنت لم تشعر بما شعرت به آنها."

"كوني أصبحت مصاصة دماء لم يكن في سياق حديثها وهذا أكثر ما ارتعبت منه؛ أن تراني شقيقتي وحشاً."
استطردت بعد لحظات من الصمت.

"هي لم تفعل."
تحدث زافير وهو يجذب يده ليزيح بعض الخصلات التي هاجمت وجه الأخيرة قبل أن يردف بعتاب:
"لم أجد مفراً يومها، كان يجب علي مقابلته."

"هل تظن السلف الثالث يعلم برأيك؟"
لونا تراجعت مبتعدة وغمغمت بسؤالها ليتنهد ويجيب بهدوء:
"لا أعرف. احتمالية كونه يعلم بالفعل بل أكثر مما نعلم حتى موجودة وعالية، استمري باتخاذ الحذر."

"مفهوم، والآن عن إذنك، لدي ما أقوم به."
تحدثت باحترام ليومئ هو برضى مشاهداً إياها تستدير وتشق طريقها عبر الردهة الواسعة نحو وجهتها وعلى فاهه ابتسامة شبحية.
"لو تعلمين أنها شكرتني."
تنهد كلماته.

"تبدو في مزاج جيد عكس ما اعتدته منك."
ملامح زافير تجمدت فوراً وهو يدور بنصف جذعه للخلف مناظراً إيدغار الذي تقدم نحوه من جهة أخرى وهو يعبث بشعره الثلجي بكف ويجر معطفه الأبيض خلفه على البلاط بالكف الأخرى.
"ما الذي تريده؟"
سأل زافير وحاجبه الأيمن ارتفع قليلاً.

"أيها السلف الخامس زاريدا..."
تحدث إيدغار بابتسامة هازئة وهو يلتف حول الأخير مسترسلاً:
"أنت محظوظ أنك لم تنضم لخطة الغزو الفاشلة تلك وإلا لكنت رماداً بحلول الآن."
نفث كلماته كمن ينفث الغبار.

"انتبه إلى طريقة كلامك أيها السيد الشاب."
حذر زافير بخفوت ليطلق إيدغار صفيراً قصيراً وهو يخلع المنديل الحريري الذي التف حول عنقه ليقول بالمقابل:
"لم أعني الإهانة، لكن بمناسبة أن طرقنا قد تقاطعت لدي سؤال يثير فضولي لك."

"لا وقت لدي للدردشة فاختصر."
طلب الأخر ليغمغم إيدغار بخفوت ونبرة مشككة ملتوية:
"لقد سمعت أنك كنت قد خرجت ضمن فريق الدعم وبالصدفة كنت بالمنطقة التي بقربي. هل هذا صحيح؟"

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن