-16- صندوق زجاجي

4.6K 379 399
                                    

دارت شارلوت بفضول حول الأنابيب المعدنية القديمة والتي تسلقتها نباتات الحديقة. كل القطع المزخرفة اللماعة اتصلت ببعضها البعض مؤدية نحو فتحة انتهت بعدسة تناظر السماء.
"ما هذا؟"
تساءلت وهي تنقر المعدن ليرتد صدت صدى نقراتها خلال الأنابيب المفرغة.

"لست واثقة بالمثل."
همس لونا من خلفها جعل شعيرات عنقها الناعمة تنتصب بفزع.

"لا تتسللي خلفي هكذا."
اعترضت على ما فعلته الشابة وهي تمسح شعرها للأسفل بيديها علها تغطي ما تم كشفه من ظهرها بفعل زي الخدم الذي ارتدته.

"اعتذر لم أعني مفاجأتك."
غمغمت لونا بابتسامة متأسفة، عقدت أناملها خلف ظهرها وسألت بتودد:
"مستعدة للمسير؟"

نهضت شارلوت على ساقيها حيث كانت تجلس القرفصاء ونفضت لباسها مجيبة باختصار:
"نعم."

سارت بقرب لونا أعلى الثلوج وبين الأشجار، نور النهار لوحده لم يكن كافياً لتدفئتها فشاهدت أنفاسها الساخنة تخرج كالبخار من فاهها أمام وجهها.

الصمت حل بينهما ثقيلاً نوعاً ما وشارلوت لم تمانعه، علمت أن لونا تركز حواسها على مراقبة الطريق ولا تريد تشتيتها بتذمرها من البرد أو حتى سرعتها التي تركتها تسير بعيدة عنها بضعة خطوات تحولت لأمتار. تذكرت حالها مع لوسيا في المجمع وكم تشابهت الشقيقتان.

شهقت شارلوت أنفاسها واستندت لركبتيها اللتان راحتا ترتعشان أسفلها فتوقفت لونا في مكانها ما أن لاحظت حالها وعادت مهرولة نحوها لتساعدها على الإستناد لجذع أقرب شجرة منها.
"ما الخطب؟"
سألت بحاجبين معقودين وشارلوت هزت برأسها مجيبة:
"أسير عدة أميال في اليوم لكن لا أدري ما خطبي الآن. أشعر بأن ساقاي ثقيلتان وكأنهما متخشبتان."

حدقت لونا بمحدثتها بشيء من الشفقة قبل أن تجلس على حجر كبير بجوارها وتعلق بابتسامة مشجعة:
"لابد أنه البرد لكن لا عليك يمكننا أن نستريح لوهلة."

شعرت شارلوت بهدوء غريب وكأنها مستعدة للنوم في أي لحظة فما كان منها سوى أن تدردش مع رفيقة طريقها لتتناسى الركود.
"شعار جميل."
علقت مشيرة بعينيها للجوهرة التي تعلقت على معطف لونا الأبيض وتلك غطته بكفها محدقة بموقعه قبل أن تتنهد معلنة:
"إنه علامة، أنني أنتمي للسلف الخامس."

"كجماد؟"
رفعت شارلوت حاجباً ولونا أظهرت ابتسامة صفراء.
"مصاصو الدماء يعتقدون أنه لمن المشرف الحصول على مباركة أبناء السلف."
تحدثت بسخرية وأضافت شارحة:
"تتمثل هذه المباركة بالحصول على جرع من دمائهم، مرافقتهم، العمل تحت إمرتهم في النهار وحتى الليل إن كان المرء يائساً."

"مهلاً لحظة!"
شارلوت هتفت وهي تقبض أناملها على ثوبها.
"ما الذي يعنيه كل هذا؟"
سألت.

لونا قهقهت.
"لا داعي للإنفعال..."
تعابير وجهها إنخفضت بأسى حين أعقبت:
"زافير لم يطلب مني الكثير، ولن يفعل. لقد وعدني بأنه ما أن ينتهي كل شيء حتى أحصل على حريتي الكاملة بفعل ما أريد. الرحيل أو حتى الموت."

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن