مضت عدة أيام بالفعل سريعاً، لكن بالنسبة لشارلوت فقد كانت بطيئة زاحفة إذ كل يوم كانت تعاني بسبب عوارض دمار جسدها. كل يوم إزداد صداعها، ضعف بصرها، تشنجات عضلات جسدها والأسوأ كان فقدان شهيتها تماماً رغم حبها للطعام الذي كانت مجبرة لأول مرة في حياتها على تناوله بالإكراه من قبل لاتشيا التي كلما حصلت على وقت فراغ قضته معها لتحشوها بأدوية قد تساعدها على استيعاب المعاناة.
لونا من جهة أخرى حاولت إبهاجها بجلب معلومات عن الوضع الحالي للمملكة وكيف تغيرت الكثير من الأمور. البشر سيتم جمعهم في مدينة واحدة كان قد تقرر بناؤها رسمياً من قبل ملكهم الجديد وسيعيشون بطبيعية أحراراً فيها أما البشر الذين تم جلبهم من الخارج سيحصلون على حرية الاختيار الكاملة بالمغادرة أو الانتقال للعيش في المدينة المنتظرة ما أن يتم تسوية الأمور مع من في الخارج.
لم تعتقد شارلوت بأن هنالك بشراً سيرغبون في البقاء داخل المملكة بعد أن تم استعبادهم خلال العقد الماضي. لونا أخبرتها بأن أكثرهم علموا أن العائلة المالكة الأساسية لم ولن تكن لتخطئ بحقهم. كما أنهم وصفوا المملكة على أنها ديارهم ولا يعلمون شيئاً عن الخارج.
شارلوت تفهمت الأمر. الخارج لم يعد مكاناً آمناً للعيش منذ زمن وحتى الآن وبتراجع مصاصي الدماء، الحيوانات البرية المتحولة وغيرها من الوحوش تجوب الأنحاء بلا رقيب.
أكثر ما فاجأها وروّح عنها كان حضور تلك الفتاة التي وقعت عند قدميها باكية سابقاً. صاحبة الحرق على وجهها. هي لم تستطع نسيانها ووجهها الباكي المذعور لكن هذه المرة كانت مشرقة مبتسمة.
كلاهما حظيتا بمحادثة ممتعة بما أن كلتاهما بشريتان، لاتشيا أعلنت أنها لا تسطيع فعل شيء حيال الحروق إلا أنها زودتها بمرهم من الأعشاب الطبية التي قد تساعد مع الوقت في إخفاء بعض الأثار الواضحة. الفتاة الصغيرة لم تبدو منزعجة من ندوبها أو حزينة فقد تم تصفية مصاصة الدماء التي أذتها ونالت عقابها.
"الشخص الذي أذاني نال حكمه العادل، أنا لا أملك أي ضغينة اتجاه أحد."
هذا ما قالته الفتاة التي ولدت في أحياء العاصمة مترامية الأطراف. بدت مستعدة لتقديم الدعم لمصاصي الدماء.الفتاة رحلت بعد أن باتت ليلة في القصر شكرت فيها شارلوت لطمأنتها في ذلك اليوم.
"عندما أخبرتني أن الألم سينتهي قريباً لم أفهم لكنني رغم ذلك وثقت بالابتسامة التي هديتني إياها، وحين علمت أن سموه لاشيسيا قد عاد أيقنت أنكِ كنت محقة."
هذا ماقالته وهي تهرش مؤخرة عنقها بحرج."هي تعرف الكثير عن المملكة!"
قالت شارلوت يومها بتعجب بعد أن ودعت ضيفتها الصغيرة لتقول لاتشيا رداً:
"البشر عاشوا بيننا مرفوعي الرأس لقرون طويلة في عهد ملوكنا السابقين."
لهذا هي ستدعمهم. لأن المملكة موطنها، رغم أنها ليست مصاصة دماء إلا أن مشاعر الإنتماء لديها جياشة وأقوى من الحرب. بشر المملكة مختلفون.
![](https://img.wattpad.com/cover/160160277-288-k995392.jpg)
أنت تقرأ
نيوتروبيا
Vampireفي عالم تحوّل إلى ديستوبيا مشوّهة، حيث عمّت الفوضى وخرج أعداء البشر من الظلال، واجهت الإنسانية تحديات لا حصر لها تهدد وجودها. وسط هذا الخراب، تبدأ حكاية فتاة ريفية يتيمة لم يكن يحكم حياتها سوى قانون واحد: أعطني لأعطيك. بائسة ومريضة، وجدت نفسها على ح...