-42- الشمس والقمر

4.4K 335 954
                                    

شارلوت تنزهت عبر الممرات نحو المكتبة وهي تدندن مزاجها الذي تحسن لفكرة لقائها محبوبها.

لم تتوقع بأنها ستفتقد هيروزيوس لدرجة تتجاهل فيها كل أمور الاستقبال الملكي الرتيبة وتتجه لمقابلته على الفور. قامت بتمليس خصلاتها بين يديها في محاولة لترتيبها والتأكد من عدم تواجد أي رماد غير مرغوب به على رأسها إذ لا تريده أن يكتشف ما حل في طريق عودتهم الآن أبداً.

"أخذ حمام سيستغرق وقتاً."
تمتمت وهي تستعجل قبل أن تلمحها إحدى وصيفاتها اللواتي قامت بالفرار منهن إذ لا يصح أن تقابل ملكها العظيم في مثل هذه الحال الرثة.

المدة الماضية لم تكن المرة الأولى التي تترك فيها القصر لفترة إلا أنها كانت الأطول حتى الآن على الإطلاق بحكم العمل الذي توجب عليها التأكد من إنجازه على أكمل وجه في الخارج، ليس وكأنها كانت تتهرب من العودة لكن القلق الذي يساورها باستمرار يمنعها من إغلاق جفونها.

قلبها رفرف بين أضلعها ما دلفت البوابة الرئيسية للمكتبة الملكية فداوت الرائحة المألوفة شيئاً من تعب قلبها وبثت النشاط في جسدها.

شعرت بحضور عزيزها يصبح واضحاً لأحاسيسها المشتاقة، كادت أن تتخيله واقفاً في إحدى الرده الكثيرة ويتمعن بكتاب قديم لا تفقه هي به شيئاً، راقبته لسنوات يفعل ذلك، أحبت متابعته يقوم بعمله ببساطة، كان ذلك ساحراً.

تسللت عله لا يلاحظها فعندما يكون منغمساً بأفكاره وأعماله يسهو كأي شخص ويسرح عن العالم الحقيقي.

لقد كانت قد نجحت بضعة مرات بمباغتته حتى اللحظة واليوم لن تترك فرصة جديدة لرؤية حدقتيه تتضيقان كالسنوريات الكبيرة عند التعرض لهجوم ثم تتوسعان كقطة أليفة على رؤيتها، ستجرب حظها مجدداً.

تسلقت السلالم الرخامية حتى الدور الثاني على رؤوس أصابعها، أناملها لامست السور المعدني بحركة علمت أنه لم يجدر بها فعلها فهسهت بأسى ثم حبست أنفاسها متأخرة فعندما لفحت نسمة باردة وجهها علمت بأنه تم كشفها بلا أي أدنى شك.

شعرت بذراعين قويتين تحيطان بجذعها في لحظة فقامت برفع رأسها لتستقبل القبلات المشتاقة بشغف.
"لقد تم كشفي."
لهثت ضاحكة وهي تتراجع عدة خطوات للخلف حتى ارتطم جسدها ضد رف عال.

"لطالما كنتِ مكشوفة."
غرست أناملها بين خصلاته حين راحت شفاهه توزع قبلات متفرقة على عنقها.
"سمحت لكِ باللعب على هواكِ كثيراً."
اليسرى أحاطت بخصرها، أما أنامل الحرة قامت بتفكيك أزرار قميصها العليا بخفة لتسمح له بالوصول لكتفها.

"الشمس مازالت في السماء عالية."
شارلوت تحركت غير مرتاحة بين ذراعيه، استقباله لها مختلف عن العادة قليلاً، جامح أكثر عما توقعته.

"إذاً فشعوركِ بالوقت لم يتلاشى كما اعتقدت."
شعرت بإستيائه المكتوم أخيراً يضرب أحاسيسها كالإعصار حين نبس كلماته بقرب أذنها بنبرة خافتة. عيناه سارتا على طول بشرتها البيضاء الشاحبة التي انتظرت علامات لمساته فأردف بصوته الأجش الشجي:
"هذا يجعلكِ تستحقين العقاب بجدارة شارلي."

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن