إنه هو.
هذا المكان ليس بصحراء لترى سراباً وليست مريضة كما اعتادت لترى أوهاماً. لديه خدوش لم تتعافى بعد فضلاً عن جروح مخفية مازالت تنزف دماً، تستطيع معرفة حاله من رائحة دمائه الواضحة، مميزة كما توقعت واستطاعت حفظها بسهولة منذ تلك الليلة المشؤومة.
لكن...أكثر ما آلمها وجعل عيناها تتضيقان بحزن كان حال الجهة اليمنى من وجهه، من الصدغ وحتى الفك المثالي تزين وجهه بندبٍ دام. خط سيترك أثراً ظاهراً.
صدر أيون هدر بتحذير وعداء وحين اقترب خطوة جديدة ثقيلة للأمام شارلوت مسحت بقرب أذنه سريعاً لينزلق بؤبؤ عينه الحمراء المشعة نحوها وكأنه يستفسر عن سبب إيقافها له.
"إن غير مؤذي."
همست فأطبق الوحش فاهه فهدأ ثم أعطاهم ظهره ليختفي بين الأشجار والأجمات سريعاً."جرو لطيف."
علق أليجاه أما شارلوت فأعادت بصرها نحوه وبدأت تقترب منه على مهل لتشعر بقدميها تغوصان في الرمل الذي تسبب بثقلهما أكثر، كانتا تأبيان الخضوع لها."ما الذي تفعله هنا؟"
سألت بصوت جاف بعد دقيقة كاملة من الصمت ليقوم أليجاه ببعثرة خصلات شعره بيمناه كالعادة ويجيب ناظراً ناحية المياه الزرقاء:
"ألا أستحق إجازة؟""بالطبع لا تفعل."
عقدت أناملها معاً وأشاحت ببصرها عنه حين نظر لها. راحت تراقب المد يتلوه الجذر حتى سمعته يقول بجانبها بنبرة خافتة:
"سمعت من لونا، أنكِ قد تأتين هنا لذا...""أنتَ أتيت لأجلي؟!"
قاطعت كلماته بدهشة وهي تتراجع عدة خطوات تهز رأسها بإستنكار مردفة بتحذير حمل نبرة الخوف:
"من الأفضل أن تعود أليجاه، الشمس بدأت بالإنخفاض. حتى لو توقف مصاصو الدماء عن ملاحقة البشر فكافة الحيوانات البرية والوحوش مازالت موجودة وجائعة، أما أنا فيجب أن..."
توقفت سيول أعذارها حين شعرت به يمسك بمعصمها بشدة، عيناه تضيقتا من ملمس بشرتها الشاذ والذي لم يعهده فوجد نفسه في خضم مقارنة عدة أمور. كيف كانت وكيف أمست الآن."أليجاه!"
عيناه ارتفعتا لوجهها مجدداً حين نادت باسمه وهو قبض بقوة أكبر على معصمها يهمس برجاء:
"فالتصغي شارلوت..."
يدها ارتعشت وهو أومأ لنفسه برأسه مرة واحدة سريعاً.
رغم كل شيء هي مازالت شارلوت التي يحبها. لم يحتج ليقنع نفسه حتى."لست هنا لأعتذر عن أي شيء أو لأبرر أي أمر أو حتى لأتمنى ما لن يحصل لأنكِ لا تريدين سماع أيٍ من ذلك ببساطة...أنا أعلم."
شعرت بجسدها تلقائياً يحذرها، يحثها على محاولة دفع نفسها عنه لكن كل قوة مصاصي الدماء المزعومة تلاشت.شارلوت لم تستطع سوى الوقوف والاستماع له يسترسل بجدية ناظراً في عينيها مباشرة:
"لكن هنالك ما أود فعلاً سماعه منك وبشدة لأنني لو لم أفعل، لن أعلم إن كنت أستطيع التخلي والمضي في دربي."
أنت تقرأ
نيوتروبيا
Vampir"أعطني لأعطيك" هذه قصة الطفلة التي اتخذت من هذا القانون طريقها الوحيد للنجاة في عالمها المشوّه؛ هي تلك البائسة المريضة التي وافقت على إبرام اتفاق غامض مع مصاص دماء غريب، استجابة لرغبتها الفطرية في البقاء والعيش لأطول فترة ممكنة. ثنائية نيوتروبيا الك...