-53- سموه، السلف الثالث

240 34 226
                                    

"جلالتكِ."
خرجت شارلوت من بئر ذكرياتها على صوت ماشيميا خلفها في الممر أسفل القبة الفسيفسائية، تُقدّم احترامها بانحناءة قبل أن تردف:
"سيصل الضيوف قريباً، يجدر بكِ تقسيم الأعمال الآن إن رغبتِ بالمغادرة لاحقاً إلى مينشين دون تأخير."

"بالطبع، كنت متجهة إلى الصالون."
أجابت شارلوت بابتسامة بسيطة. حدقت بهيئة ماشيميا التي كانت تتجول باعتيادية بينهم دون إحدى ذراعيها بحزنٍ لم تبده صاحبة العلاقة حتى. ماشيميا كانت تتصرف كما اعتادت وكأن شيئاً لم يكن.

"أعتذر منكِ."
نبست شارلوت مفاجئة وصيفتها التي بدت مدهوشة للحظات قبل أن تستدرك عمّ يدور الأمر وتبتسم ملوحة بيدها السليمة في الهواء.
"إنها محض ذراع يا جلالتك، أنا إحدى حراسك وحراس سموّه بالمثل، حياتي تنتمي لكم."
انخفضت تعابير الشقراء بأسف، فانحنت قليلاً واعتذرت:
"لم أحتسب أمر كون سموّه قد نما، وأعادل الكمية الكافية التي أحملها من المُهدئ، هذه كانت غلطتي فتلقيت جزائي عليها."

"لا تقولي هذا، لا أحد منا توقع حصول ذلك، إذ إن سيث تعافى من نوبات الصرع منذ زمن بعيد."
هذا ما ودت شارلوت تصديقه على الأقل.
"لم نكن لنتخيل أن صوتاً مثل خاصّة كناريا موجود، أو أن الغابة قادرة على أن تهتاج بوحوشها كما فعلت، ولا أن سيث خاصتي ما زال قابلاً للقهر."
شارلوت ضغطت أصابعها في قبضة شديدة ما أن نبست عبارتها الأخيرة بخفوت.

ماشيميا صمتت دون أن تعلق، لم ترد أن تؤكد لكنها لم تستطع أن تنفي، والهدوء جعل شارلوت تبتسم قبل أن تواجه وصيفتها مجدداً وتطلب بهدوء:
"أرسلي بطلب دينيز والبقية."

كان لدى الملكة صالون صغير بقرب جناح مكتبها الخاص، تجتمع فيه مع وصيفاتها بشكل دوري، إما لمناقشة العمل أو ببساطة للدردشة. فرغم أن علاقتها بهن كانت رسمية، إلا أنها تتسم بالود. احتاجت إلى أشخاص تعتمد عليهم في المملكة، فبحكم عملها في يوتوبيا كانت تضطر لمغادرة القصر لفترات طويلة.

أسندت فكها إلى أناملها وتأملت السماء من النافذة مرفوعة الستائر ما أن دلفت صالونها. قد حان موعد لقائهن مجدداً، لكن للأسف المناسبة ليست لطيفة هذه المرة.

طُرق الباب بعدة نقرات، ثم فُتح على مهل ليطل من فجوته عيون حمراء مائلة للوردي البراق. مصاصة الدماء الفتية حركت بصرها في الصالون بفضول، فضحكت شارلوت لتجذب انتباهها.
"ادخلي يا روز، لا أحد سواي هنا."

ظهرت أنياب روز بابتسامة واسعة حين فتحت الباب على مصراعيه ودلفت أخيراً بحماس هاتفة:
"نعمتكِ!"
فستانها الأسود المميز لامس بأطرافه الأرضية حين انحنت أمام ملكتها لتقدم احترامها. حجر الكوارتز الذي تعلق على خصرها أصدر رنيناً لكونها قد ربطته بجرسها البلاتيني الخالص.
"لقد طال غيابكِ."
بدت الوصيفة وكأنها مستاءة حين تحدثت بنبرة طفولية. أرادت شارلوت الحديث، لكن تدخل صوت رزين بارد عند باب الصالون منعها، إذ تردد فجأة:
"أنتِ لست في مكانة تسمح لكِ بعتاب جلالتها، روز-آن هيتهوف."

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن