ارتشفت شارلوت شيئاً من كوب قهوتها الساخنة في حين كانت عيناها قد تعلقتا بالقمر خارجاً فالتحديق به إحدى عاداتها منذ الطفولة. القمر كان نور الظلام وهيرو هو صوت الصمت الذي لا تفتأ تحدثه.
"ما الذي يجب علي أن أفعله تالياً؟"
سألت بهدوء ومن دون جواب بقي سؤالها معلقاً بالهواء."ليس وكأنني أرغب بالموت بسرعة لكن أشعر بأن جسدي لن يحتمل المزيد."
تمتمت بسخرية وهي تحرك يدها على عنقها للأسفل ببطء مردفة:
"شيء ما ينخر فيّ."نهضت من مكانها لتغلق النافذة فنسيم منتصف الليل بارد والخريف اقترب، حتى وإن لم تشعر حقاً به فرؤية الأوراق المتساقطة تتطاير مع نسيمه القوي وحدها تجعل الأبدان تقشعر.
"لقد مللت من الدفاع."
قالت مجدداً وهي تنهي ما بكوبها قبل أن تضعه على المنضدة بجانب دفتر الملاحظات الذي حدقت به لثوان.
"كما أن مصاصي الدماء لن يترددوا للأبد بشأن مهاجمة مجمعات البشر."
أضافت.اتجهت ناحية سريرها لترتمي عليه بعشوائية متسائلة:
"أيضاً...متى ستخبرني من أنت أيها الجاحد؟"تدثرت بغطائها جيداً قبل أن تغمض عينيها وتبتسم هامسة:
"بأي حال...عمت مساءً هيرو.".
.
.في مكان أخر وتحديداً خلف الجدران العالية، البشر كانوا يتجولون هنا وهناك مستمتعين بالأمان والسكينة وفي جهة أخرى بقرب أقاصي شرق الجدار ارتفعت ثكنات الجيش العسكرية وتوسطت الموقع.
بناء ضخم من خمسة طوابق مصنوع من الحجارة الحمراء ارتفع، وحوله دار الحراس بزيهم الموحد دليلاً على أن الأشخاص في داخله لهم أهمية ومكانة عالية فيه و داخل إحدى قاعاته الباردة جلس عدة رجال ونسوة ببذلات الجيش الرسمية الموحدة متحملقين حول طاولة ضخمة. كل فرد منهم كان قد بهرج بذلته الخاصة ببضعة نجوم على الكتف أو شعار بلاتيني على الصدر.
"وصلت أول دفعة من المنتسبين الجدد اليوم. عددهم خمسون، وغداً سيصل خمسون أخرون."
توقف صاحب الشعر الثلجي عن قراءة ما في يده فجأة محاولاً بشتى الطرق عدم الضحك على صديقه الذي يجلس في نهاية الطاولة نائماً.
لم يكن نومه المشكلة حقاً بل شخيره العال في قاعة الاجتماعات الهادئة.حمحم مرتين محاولاً متابعة القراءة ما أن قام أحدهم بلكز النائم لكي يستيقظ، لكنه لم يفعل ودفع بتلك اليد بعيداً وكأنها بعوضة تنغص عليه قيلولته.
خبأ صاحب الخصلات البيضاء وجهه خلف الأوراق مغمضاً عينيه بشدة، قاضماً شفته السفلية بقوة، يجب أن لا يضحك وإلا سيتم عقابه أولاً قبل صاحبه.
قام الجار بلكز النائم مجدداً وهو يهمس منادياً:
"كلاي...أيها المقدم أليجاه كلاي!"
ناداه بنبرة أعلى لتتوجه كل الأبصار لذاك الذي استقام في مكانه متثائباً كدب قطبي نهض من سباته.
أنت تقرأ
نيوتروبيا
Vampire"أعطني لأعطيك" هذه قصة الطفلة التي اتخذت من هذا القانون طريقها الوحيد للنجاة في عالمها المشوّه؛ هي تلك البائسة المريضة التي وافقت على إبرام اتفاق غامض مع مصاص دماء غريب، استجابة لرغبتها الفطرية في البقاء والعيش لأطول فترة ممكنة. ثنائية نيوتروبيا الك...