-19- دموع شارلوت

4.5K 365 580
                                    


عيون شارلوت السوداء تفتحت عنوة فاستقامت سريعاً تنظر حولها لثوان بتوجس قبل أن تنهض وترتدي معطفاً صوفياً أعلى ثوب نومها الليلكي. خرجت من الغرفة حافية القدمين متخوفة من أن تصدر خطواتها أدنى الأصوات حتى. شعرت بالحر يرتفع في وجهها وأرادت استنشاق بعض النسيم البارد. تلمست وجنتيها وهي تفكر بأنها لا ترغب بأن تمرض بالزكام فما أصابها يكفيها.

عيناها تابعتا القمر من النوافذ المفتوحة حتى سمعت صوت خطوات جعلتها تختبئ خلف أكبر ستارة وتنظر لمن يسير مبتعداً في الجهة الأخرى من الممر.

"هيرو..."
همست بتعجب إذ أنها متأكدة أن الساعة تخطت الثانية صباحاً لكن من جهة أخرى هذا مصاص دماء وطالما كان نشاطه في الليل، إذاً متى يغفو؟

"ولما أهتم؟"
تمتمت بإنزعاج من أسئلتها اللانهائية وهي تسير في طريق العودة إلى غرفتها إلا أنها توقفت عنوة تعتصر عينيها وقبضتيها بشدة.

جسدها استدار ومن حيث رأت هيروزيوس يبتعد سارت هامسة:
"تباً للفضول، سأقضي شهري الأخير بإرضائه فقط."

أصابعها لامست التمثال الحجري بتأنٍ خوفاً من إصدار أدنى صوت، لقد ظنت أن هيرو سيختفي عن عينيها لكنه كان يسير فحسب، ببطء وكأنه لا يريد الوصول للمكان الذي يرغب بقصده.

حافظت على مسافة كبيرة بينهما وجزء منها شكك بأنه لم يلاحظها ورغم ذلك استمرت بملاحقته لبضعة دقائق حتى توقف عند باب زجاجي بألوان مختلفة تداخلت ببعضها البعض وطغى عليه الأسود الحزين. وقف هناك لثوان قبل أن يدفع الباب أخيراً ويدخل تاركاً إياه لينزلق مجدداً خلفه.

أطراف أناملها منعت الباب من أن يغلق. أخذت نفساً متوتراً جديداً قبل أن تدخل نصف رأسها حتى عينيها وتنظر داخل الغرفة المظلمة.

عقدت حاجبيها بارتياب إذ أن الحجرة كانت كالتي وجدت هيرو فيها، تشبهها بكل شيء عدا أن الصندوق الزجاجي الذي توقف الأخير عنده كان أكبر برخام أبيض صافي للقاعدة.

"أتنوين البقاء واقفة عندكِ مطولاً؟"
شعرت بشعر رأسها يقف برعب ما أن تحدث هيروزيوس كاشفاً إياها لتحاول الإنسحاب ببطء شديد، لكن استدارة الأخير نحوها ورؤيته لها قامت بإفشال خطة الهروب تماماً.
هي علمت بنسبة كبيرة أنه لاحظها لكن لم تكن تنوي الكشف عن نفسها لكي لا تشعر بسوء تصرفها الطفولي وظنت بأنه سيتجاهلها كما يفعل غالباً...كما يجب أن يفعل.
ًعيناها حدقتا بتوتر شديد بخاصتيه لثوان حتى لانت تعابير وجهه قليلاً وأشار لها بكفه.
"اقتربي."
تحدث.

ترددت لثوان قبل أن تنزلق عبر الباب وتدعه يغلق خلفها. يداها تشابكتا معاً محدقة بالأرضية التي عكست صورتها قائلة بشيء من التذمر:
"آسفة لإتباعي لك بهذه الطريقة."

"كنت لأفعل المثل، لا داعي للإعتذار."
أجاب اعتذارها بنبرة مبهمة فرفعت رأسها بتعجب من صراحته ثم ابتسمت قليلاً قائلة بتأنيب:
"لاتقل هذا. يكفي أنني لم أستطع النوم جيداً حتى الآن."

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن