-12- سيلست غولدن

4.2K 342 199
                                    

فتحت شارلوت عينيها ببطء تمسح بهما محيط الغرفة حولها قبل أن تستقيم فتلحظ تلك الورقة الممزقة تتهادى بقطعها الكثيرة.
لقد مزقتها بنفسها حيث لا يجب أن يراها أحدهم أولاً ولأنها قد أزعجتها ثانياً. الرسالة التي كتبها هيرو لها أثناء غفوتها منذ قرابة الساعة لم تكن ما انتظرته تماماً منه.

"أفهم بأنها قد تكون شخصاً مهماً لك لكن هذا كثير."
غمغمت بصوت خافت قبل أن تقوم بتمديد قدميها أمامها وترفع رأسها للأعلى في محاولة لرؤية النجوم خارجاً لكن بلا فائدة فالغيوم الرمادية غطت السماء وحجبت نور القمر أيضاً.

ألقت نظرة متجهمة على ساعة يدها التي أشارت للحادية عشرة والنصف، يجب أن تتحرك بالفعل لكنها لا ترغب بذلك إذ قد تتعرض الليلة للقتل.

نهضت من مكانها أخيراً بتمهل لترتدي معطفها الثقيل ثم أخذت تلف وشاحها الأبيض حول عنقها. حملت حقيبة كانت قد جهزتها قبلاً على ظهرها وبيدها كشّاف صغير قد تحتاجه. ودعت الغرفة بنظرة صامتة أخيرة ثم خرجت.

الطرقات كانت فارغة إلا من بعض الجنود الذين تجنبت أن يروها فهي على وشك فعل ما سيكلفها تلك الثقة المشوهة التي بنتها مع البشر في هذه الفترة القصيرة، ما سيمنعها من العودة لهنا مجدداً للأبد.

دخلت البناء الأحمر متجاهلة الحراس الذين كانوا يلعبون الورق عند البوابة حيث لم يبالوا بها أيضاً وربما لم يلاحظوا مرورها في الأصل ثم أخذت تسير لنهاية ممر القبو المعتم فتصل باب السرداب الصدء. كان مجرد تمويه خبيث.

أخرجت الكشّاف الصغير لتضيء به طريقها المظلم، وها هي ذي تسير في النفق المظلم مجدداً ولكن هذه المرة وحيدة.

الكثير من الأمور تشغل تفكيرها، أتسمح لهم برؤيتها أم لا؟ أمن المسموح لها بأن تصنع جلبة أم لا؟ ببساطة لأول مرة تفكر بما سيظن الناس حولها بها.
هل تصرفها سيتسبب بالمتاعب للمقدم وزملائها؟ أليجاه لن يؤذي جين أو جايدن بل سيحميهم بطريقته الخاصة إن تم ربطهم بها وهذا غالباً لن يحدث، هي تتخلى عنهم الآن وهم سيقومون بالتخلي عن الدفاع عنها بالمثل. لم ترد أن تفترق طرقهم بهذه السرعة أو حتى بهذه الطريقة لكن هذا ما آلت له الأمور.

طأطأت رأسها للأسفل مهمهمة:
"لقد ظننت أنني أستطيع إخباره."
جزء منها أراد إخبار المقدم المتعجرف كما أخبرت اللواء آشتون لكنها لم تفعل، أخبرت ذاك ولم تخبر هذا.

"كان من الأفضل عدم إخبار أحد."
تحدثت مجدداً مع نفسها، هي كانت منزعجة جداً فحسب وهو -صاحب الأعين الرمادية ذاك- سحبها في الحديث. بقدر ما كان اللواء بارع بسحب الكلمات منها بقدر ما كان أليجاه فاشل في ذلك، لكن الأول لا يملك من حذاقة الأخير سوى القليل، ذاك الذي صمت فقط وكأنه لا يريد سماع ما قد لا يعجبه من فاهها.

"هو حتى لم يقل وداعاً كما ينبغي له أن يفعل."
تنهدت كلماتها.

"احتواء."
تمتمت. هذه فقط كلمة من موسوعة كلمات لا تستطيع التوصل لمعناها الحقيقي، معناها الوجداني، منذ أن كانت صغيرة تعلمت أن كل ما تحصل عليه يجب أن تدفع له مقابلاً وكل ما تعطيه للآخرين له مقابل ببساطة. بدت كتجارة عادلة وحتى الآن تعيش على مبدأ خذ وأعطي. لما قد ترغب بشيء لا يمكنها دفع ثمنه؟ ما ثمن المشاعر؟

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن