"أنتِ لم تهبطي للعب مع الأطفال سابقاً."
شارلوت أخفضت بصرها من السماء الغائمة عندما شعرت بكناريا تقترب منها متململة بعد أن ترددت لدقائق طويلة، تمسحها بتلك العيون الزاهية من الخلف وكأنها تدري بأنها تشعر بها ومع ذلك تدعي عدم المعرفة، وكأنها تحاول إرسال رسالة ذات فحوى مهم دون أن تضطر للتفوه بأي حرف بحق.
"استطعت رؤية رغبتكِ بلإنضمام لهم."
أضافت شارلوت بموضوعية دون أن تستدير وتواجه الفتاة.كناريا توقفت عن التقدم بين العشب الناعم، حدقتاها اتسعتا قليلاً بمشاعر عدة.
"لم أكن أريد، لابد أن الأمر قد تهيأ لكِ وحسب يا جلالتكِ."
عبارة واحدة خرجت من فاهها وهي تشيح ببصرها عن ظهر شارلوت.
"أنا لم أستطع الإختلاط بهم ولن أستطيع بشكلي هذا."
تلمست رأسها، ابتسامة أمل خيالي ترفع شفاهها مع قولها بلهفة غريبة:
"ربما سأفعل إن تخلصت من قرنيّ هذين.""لقد دفعوكِ من أعلى الطابق الرابع، كان من الممكن أن تفقدي حياتكِ بحق."
شارلوت تركت يمناها لتحط على خصرها للحظات حين التفتت بنصف جذعها للفتاة من خلفها. أرادت التنويه إلى أنها لم تكن المخطئة بل الضحية فكناريا تصرفت وكأنها الجاني وليس المجني عليه."لكنني لم أفعل وإن كان قد حدث ووقعت فتاة أخرى عوضاً عني أو لم أبتعد عن المدرسة وأتخلى لكان رأسي أسفل المقصلة في سلة تقطر بدمائي كعرض هزلي لبعض الأغنياء منذ زمن."
كلمات كناريا كانت ممتلئة بالمرارة أما شارلوت فهمهمت بتفهم. لو كانت حقيقتها قد كُشفت في مثل ذلك العمر اليافع لما استطاعت النجاة.حتى بوجود أعوان لهدفها برعاية أبناء الجنس الثالث في كل مكان يراقبون كعيون إضافية لها ويتواصلون مع يوتوبيا ليقوموا بإرسال من يجدونهم لبر الأمان لم تستطع إنقاذ الجميع من براثن المصير المجهول. كان ومازال سباقاً محتدماً بين جنون شر الجزء المظلم من هذا العالم وخيره الذي يقبع أسفل نور اتهامات التقصير.
"بمن استعنتِ ليلعب دور ذويكِ؟"
شارلوت سألت وكناريا حكت مؤخرة عنقها بحرج.
"راقصة وحارس مبنى قديم."
حين قهقهت شارلوت عينا الأخيرة ارتفعتا ما أن جمعت الجرأة لتنظر في وجهها مجدداً.
"يا له من عقل امتلكته الطفلة بيل وايت."
مازحت الأولى فهزت الثانية بكتفيها.شارلوت سارت بضعة خطوات نحو النصب الحجري الذي افترش برفقة عدة شواهد أخرى المقبرة المخضرة الواسعة فلحقت بها كناريا ساردة.
"كانت أمـ....بينولوبي في ذلك الوقت قد غاردتني بالفعل منذ بضعة سنوات، كان علي التفكير بالنجاة.""إذاً لما ترفضين الأمان الذي أقدمه لك؟"
شارلوت سألت، أبصارها انخفضت نحو الشاهد الحجري الذي إخضر بندى الزهور من حوله. لم تستطع منع نفسها من الابتسام وكأنها تقوم بإلقاء تحية."اعتدت الأمر حتى تعلمت كيف أنجو."
الفتاة خلفها توقفت عن الحديث حين قامت هي بشبك أناملها وإسدال أهدابها لفترة.
أنت تقرأ
نيوتروبيا
Vampire"أعطني لأعطيك" هذه قصة الطفلة التي اتخذت من هذا القانون طريقها الوحيد للنجاة في عالمها المشوّه؛ هي تلك البائسة المريضة التي وافقت على إبرام اتفاق غامض مع مصاص دماء غريب، استجابة لرغبتها الفطرية في البقاء والعيش لأطول فترة ممكنة. ثنائية نيوتروبيا الك...