الفصل السابع عشر الجزء الأول

18.1K 604 49
                                    

مكث بذلك المنزل المكون من طابقين للعشر الأيام المنصرمة منتظرا عودة رب عمله من سفرته المزعومة، وطوال تلك الفترة لم يهاتفه أحد أو يتحدث مع أحد سوى زميله بالعمل الذي هاتفه يوميا ليطمئن عليه، وكم شعر زين بالوحدة الشديدة وعلم أنه لا يملك لا عائلة ولا أصدقاء.

لم يصدق حقا ما حدث معه بالرغم من تحذير رب عمله له وكأنه كان يعلم تماما ما سيحدث جراء تلك المشاعر التي كنها للشخص الخطأ، ولكن أحكام القلب هي من أوقعته بتلك الأزمة.

أخرج ضحكة سخرية على حالة عندما وقف أمام المرآة ورأى عضلاته الغليظة والمصقلة بإتقان، وكم يبدو هو قويا من الخارج ولكنه هش وضعيف من الداخل، سهل كسرة وتم ذلك بنجاح ساحق ولم يتسبب فقط بألمه الخاص بل أوقع رب عمله في مشكلة يعلم تماما توابعها القادمة.

منذ أن عمل لديه من أكثر من عشر سنوات وحتى الآن لم يفارقه ليوم واحد ولا حتى في سفرياته المتنوعة، بل والأكثر لم يفارقه عندما كان يختلي بتلك النساء اللاتي كان يمارس معهن الرزيلة قبل أن يعود لرشده وصوابه، والآن ها هو هنا بعيدا عن عمله ومنبوذ من رب عمله ولا يعلم متى سيصفح عنه فعلته وتساهله بالأمر.

استمع لرنين هاتفه وهو يعلم تماما أنه أمجد؛ فمن غيره يوده ويتحدث معه يوميا:

-ايوه يا أمجد.

سأله الطرف الآخر وهو يتحرك خارجا من مهجعه المخصص للاستراحة:

-عامل ايه يا زين انهارده؟

أجابه وهو يعود للجلوس على الفراش الأرضي الذي أعده لنفسه بذلك المنزل الغير مكتمل:

-زي امبارح واول امبارح وكل يوم.

أخرج تنهيدة عميقة وسأله:

-الباشا رجع؟

نفى الآخر وهو يوضح:

-لسه، شكله مطول.

صمت فسأله أمجد:

-أنت عملت ايه في موضوعك؟

شرد قليلا بسؤاله وهو يتذكر ما حدث بتلك الأيام الفائتة وكل ما حدث به؛ فبعد أن غادر منزل فارس صباح تلك الواقعة أخرج هاتفه وهو بطريقه لمنزله وهاتفها فأجابته بصوت وهن وضعيف بل ومرتعش:

-نعم.

لاحت بسمة ساخرة على وجهه وهو يعقب عليها ساخرا:

-يا سلام على الرقة، بجد مشوفتش واحده أرق منك يا دعاء.

تعجبت هي من حديثه فهمت بإغلاق المكالمة:

-أنا هقفل.

صرخ سريعا يحذرها:

-اياكي، انتي متعرفيش انا اقدر اعمل ايه يا دعاء، اوعي تفتكري ان يتلعب بيا بالشكل ده وهسكت.

دلفت غرفتها مغلقة الباب وراءها وتكلمت بهمس:

-انا مش هعرف اتكلم دلوقتي، بابا وشادي بره ومش عايزه مشاكل معاهم.

روضتني 2 (طمس الهوية) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن