الفصل الثامن والعشرون

27.2K 801 103
                                    

المصائب التي يمر بها الإنسان قد تكون السبب الرئيسي في إنكساره إذ ما وجد نفسه وحيدا يحارب الحياة بمفرده، ولكن بوجود الداعمين له يمكن أن يتخطى تلك العقبات بسهولة ويسر حتى ولو بعد حين؛ فهكذا هو حال الدنيا، لا يظل الإنسان سعيداً دائما ولا تعيسا أمد الدهر.

حاملا طفلته ومتمسكا بنصفه الآخر ويتبعه رفيق دربه يحمل صغيره ودلف ثلاثتهم لمنزل عمه فاستقبلتهم دينا بترحاب بعد أن هيأت غرفة خاصة ليمكث بها فارس وزوجته رفقة صغيريهما.

تعجبت ياسمين قليلا بسبب مجيئهم لمنزل مراد فالمتعارف عليه عندما تحدث كارثة بالعائلة هو أن يفتح فارس ساعديه لاستقبال أي من العائلة ببيته الذي يتسع للجميع، ولكن تلك المرة مغايرة لسبب لا تعلمه فقد آثر فارس على إخفاء حقيقة موت حنان عنها وظنت أنها توفت قضاءا وإنقضاءا ﻷجلها دون أي حوادث.

أصرت دينا على إدخالها للجناح الذي خصصته لهم حتى تستريح ريثما تنتهي من تجهيز الطعام:
-ادخلي ارتاحي انتي وفارس والولاد على الأكل ما يخلص وعيزاكي تاكلي كويس عشان انتي محتاجه تتغذي وتعوضي التعب ده يا بنتي.

وافقتها دون مماطلة ودلفت رفقة زوجها الذي ساعدها بتغيير ملابسها ﻷخرى مريحة بعد استحمامها وجلس يجفف لها شعرها فتسائلت وهي تنظر ﻷنعاكسه بالمرآة:
-احنا ليه مروحناش بيتنا يا فارس؟

أجابها وهو يتحاشى النظر لها حتى لا تلاحظ حزنه الظاهر عليه:
-عشان الدكتوره دينا تاخد بالها منك ومن الولاد.

لم تبتاع الأمر فسألته:
-ايوه بس كنت تقدر تخليها تيجي هي، من امتى واحنا بنسيب بيتنا ونقعد عند حد!

ترك المجفف من يده وجلس على طرف الفراش:
-مفيش حد هناك يراعيكي انتي والولاد وخصوصا إن الخدم كلهم في أجازه.

بالطبع قادها فضولها لتسأله عن سبب إعطاءه تلك الأجازة لكل الخدم، ولكنها لمحت حزنه البادي عليه واستنتجت أنه ربما لا يود العودة لمنزلهما لتواجد الكثير من الذكريات التي جمعته بمربيته الحنون والتي حزنت عليها كثيراً فتركت مقعدها وتوجهت ناحيته لتجلس بجواره وربتت على كتفه:
-حبيبي، أنا عارفه داده كانت بالنسبه لك ايه وأكيد صعب عليك تدخل البيت وهي مش فيه، بس أنا مش هرتاح هنا، فايه رأيك نروح نقعد عند جدي؟

ترك مكانه وحاول كبت غضبه فأولاها ظهره حتى لا تلاحظه وتكلم بصوت حاد:
-انسيهم بقى يا ياسمين.

لم تفهم ما قاله أو سببه فتبعته ووضعت راحتها على كتفه وأدارته ليواجهها والحيرة بادية على وجهها:
-أنساهم! ليه؟ أنت هتاخدهم بذنب شادي ولا ايه فهمني؟

رمقها بنظرات جامدة فاتسعت حدقتيها وقد تأكدت من ظنونها، ولكنها لم ترض بالأمر الذي يود فرضه عليها فاعترضت وهي تحاول كتم عبراتها بداخلها:
-عملولك ايه؟ ليه دايما بتاخدهم بذنب غيرهم و...

روضتني 2 (طمس الهوية) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن