الفصل الواحد والثلاثون

20.8K 637 53
                                    

كيف يمكن للإنسان أن يمر بكم هائل من المشاكل ومصاعب الحياة ولا ينهار أو حتى يشعر بالضعف اللحظي؟ ولكن أحيانا تجبرك الظروف المحيطة بك لتأجيل انهيارك حتى تتخطى الأزمات وبعدها قد تتركك لتسقط ببئر الإنهزام الذي وددت السقوط به من اللحظة الأولى.

حياتها لم تكن بالهينة أبداً بعد ما مرت به وهي لا تزال بعقدها الثاني، وغالبية أصدقائها ومن عمرها ربما لم يجدوا صعوبة بحياتهن سوى باختيار لون طلاء الأظفار أو حتى اختيار ماركة جديدة من أحمر الشفاة.

ظلت تذهب يومياً لعملها حتى وهي لا تجد الحافز للاستمرار ولكنها حقا قد اكتفت بعد أن عاصرت ما عاصرته وقد حان وقت الإنهيار، ولا يمكن أن يثنيها أحد عنه فقد سأمت ممن يخبرونها بأن تظل قوية وها هي أخيراً قررت التخلي عن قوتها المزعومة وترك العنان لضعفها للظهور هكذا للعلن.

استيقظت اليوم وقد مر أسبوعاً كاملاً على حادثتها الأخيرة مع مازن وقد اتخذت قرارها بترك العمل نهائياً مهما حاول الجميع إثناءها أو حتى رفض طلبها، وذهبت عازمة على إنهاء هذا الأمر اليوم قبل غداً.

نزلت من منزل والدها قاصدة مقر عملها ودلفت مكتب زوج أختها والمسؤول عن الشركة بغياب المدير التنفيذي الغائب بسبب مرضه:
-ازيك يا ساجد؟

ابتسم وهز رأسه مشيرا للمقعد أمامه:
-تعالي يا نرمين.

سألته وهي تجلس أمامه:
-أومال فين شيري؟

أجابها وهو يرفع سماعة الهاتف:
-مع ياسمين بتنقل معاها حاجتهم من الڤيلا القديمه، تشربي ايه؟

رفضت وهي تخرج من الملف أمامها تلك الورقة:
-ﻷ مش عايزه حاجه.

نظر لاستقالتها فتجهم وجهه وهتف معارضاً:
-تاني يا نرمين؟ هو ايه الموضوع بالظبط؟

ترك الورقه من يده وتحرك حول مكتبه وجلس أمامها متابعا:
-أنا عارف وشايف قدامي حاجات كتير بتحصل بس مش عايز اتدخل بحياتك وبقول سيبها هي اعقل من أنك توجهها، بس ساعات بحس أنك بتخلطي الامور ببعض ودايما حاطه الاستقاله الهدف الوحيد قدامك.

لم تعقب عليه فتابع:
-طيب اول مره وفهمت من يزن سبب الاستقالة، دلوقتي بقى ايه السبب؟

لمعت عينها فهل تجرأ وأخبر زوج أختها بسبب طلبها للاستقالة بالمرة الماضية:
-مفيش أكتر من أني مش مرتاحه في الشغل وخلاص.

زفر بضيق وسألها بشكل مباشر:
-ممكن تقوليلي ايه اللي حصل في المستشفى يوم عملية يزن؟

لم تجب وظلت مطرقة رأسها فأصر على استجوابها:
-طيب ليه ضربتي مازن بالقلم بالشكل المهين ده؟

تنفست عاليا وظلت صامتة ولكنها رفعت وجهها ناحيته متفاجئة عندما قال:
-انتو لسه في بينكم حاجه؟

روضتني 2 (طمس الهوية) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن