الفصل الأول

49.5K 806 101
                                    

 جلس متمعنا بالأوراق التي أمامه حتى انه لم يع لتأخره كل هذا الوقت بمكتبه؛ فنظر لساعته ليجد أنه استغرق أكثر من ثلاث ساعات، وما تعجب منه هو عدم حضورها لمقاطعته كعادتها أو لاستدعائه لحضنها.

ازال نظارته المخصصة للقراءة التي استخدمها حديثا بعد أن لاحظ ضعف نظره أثناء قرائته وشعر بالقلق وقتها أن يخطئ بتدريبات الرماية إلا أنه وجد نظرة ثاقبا من بعيد فخصص تلك النظارة للقراءة فقط.

ألقى القلم على المكتب وترك نظارته ودفع المقعد للخلف ليقف متجها للخارج وتحرك صوب مربيته وسألها فورا:
-ياسمين فين يا داده؟

ردت مبتسمة كعادتها:
-فوق يا حبيبي منزلتش من ساعة ما دخلت مكتبك.

أومأ وتحرك سريعا ليصعد الدرج مارا بغرفة صغيريه؛ فوجدها جالسة أرضا وتتشارك اللعب معهما أو بمعنى أدق وجدها تشاطر الصغير جاسر اللعب بصغيرته وقطعة روحه؛ فكلاهما يلاعبا الصغيرة حتى هذا الفتى الذي لم يتعد عمره العامان يلاعب أخته الصغرى وكأنه تخطى العاشرة.

ابتسم لهذا المشهد الذي أمامه فاستند على حافة الباب عاقدا ساعديه أمام صدره ولم تلحظه غير المربية التي همت بالتحدث احتراماً لشأنه؛ فأشار لها بالصمت ووقف يراقبهم بشغف وحب لا مثيل له.

ظل على هذا النحو حتى تجلى الصغيران بالضحك؛ فلم يتمالك نفسه أكثر وتحرك للداخل ليتشارك معهم باللعب وجلس أرضا بجوارهم فانتبهت له قطعة روحه وحياته ولمعت عينها بنفس اللهفة التي لا يشعر أبدا بالأكتفاء منها.

تمتمت بصوت رقيق تسأله:
-أنت هنا من أمتى؟

أجابها مقبلاً عنقها:
-من شويه.

فورا صرخ الصغير جاسر كعادته غيرةً على والدته؛ فرمقه فارس بنظرة حادة وصر على أسنانه وهو يعقب على ردة فعله:
-هو الواد ده هيفضل يصرخ كل ما يلاقيني بقرب منك كده لأمتى؟

ضحكت بصخب وهي تحمل الصغير بين ذراعيها تقبله قبل متتاليه وترد بمشاكسة:
-حبيبي يعمل اللي هو عايزه، غيران منك ومعاه حق.

سحب منها الصغير بعد أن استطاعت إثارة غيظة ووضعه بمكان اللعب المحاط بسور خشبي وعاد حاملاً الصغيرة ووضعها بجواره والصغيران يصدران أصوات اعتراضهما على قرار والدهما بانهاء وقت اللعب، ولكنه لم يهتم ووقف ساحبا اياها من ذراعها لتقف أمامه ونظر لها بعيون عاشقة وهمس لها:
-بلاش تغظيني بابني عشان مكرهوش.

لم تصدق ما ألقاه على مسامعها وابتعدت ترمقه بنظرة غير مصدقة وهي تسأله:
-انت بتتكلم بجد؟

روضتني 2 (طمس الهوية) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن