رحب بعائلتها بحرارة مما أدهشهم وهي أيضا رمقته بتعجب وهو ينحنى ليحتضن جدها:
-أزيك يا حاج؟ أهلا وسهلا نورتوا.
مد ساعده ليصافح عمها ونرمين من بعده:
-مجتش فرصه اباركلك على الحجاب، مبروك.
ابتسمت الأخيرة وهي تعقب:
-الحمد لله، خطوة كانت لازم تتعمل من سنين.
ابتسم ولف رأسه ينظر لزوجته غامزا لها:
-عقبالك.
جلسوا على المائدة بعد أن أصر عليهم بمشاركتهم الطعام، ولكنه نظر أمامه فوجد مقعد مربيته خال فجعد جبينه وتذكر حدته معها ليلة أمس فنهض يستأذنهم بلباقة:
-بعد اذنكم لحظه، داده لازم حد يسندها عشان تيجي تفطر.
تركهم متحركا صوب غرفة مربيته فالتفت محمود يسأل ابنة أخيه بحيرة:
-هو جوزك طبيعي ولا الصدمه أثرت على دماغه؟
ابتلعت ريقها وأجابت والحزن يخيم على ملامحها:
-شادي ده مؤذي بشكل متخيلتوش قبل كده، والحمد لله يا عمي إن فارس هادي دلوقتي، حضرتك مشوفتوش امبارح كان عامل إزاي.
بنفس الوقت دلف غرفة مربيته بعد أن سمحت له ولكن فور أن وقعت عينيها عليه أدارت وجهها تنظر للجانب الآخر فهرع ناحيتها واستند على ركبتيه أرضا ممسكا براحتها المجعدة وهو يعتذر:
-حقك عليا يا داده، أنا عارف اني اتعصبت عليكي امبارح.
لم تجبه وظلت تحرك أناملها تسبح بالمسبحة؛ فقبل راحتها وتمتم بحزن:
-بلاش انتي كمان تزعلي مني، أنا مليش غيرك وآسف على طريقتي معاكي بس...
صمت بعد أن اختنق صوته وأسند رأسه على فخذها يبكي بصمت مضيفا:
-انا تعبان اوي يا داده ومحتاجك جنبي.
لم تستطع اتخاذ موقف معه فربتت على كتفه ومسحت على شعره وهي ترد على حديثه:
-ربنا يروق بالك يا بني ويبعد عنك كل شر، أنا لو هزعل من الدنيا كلها عمري ما ازعل منك ابدا على الأقل انت طمرت فيك التربية مع اني مقعدش معاك إلا 8 سنين بس.
تنهدت مطلقة زفرة يأس وبكت وهي تضيف:
-الدور والباقي على ولادي اللي ربيتهم وكبرتهم وعلمت وجوزت وفي الآخر رموني في دار المسنين ولولاك كان زماني لسه مرميه هناك.
ارتفع بجسده محتضنا إياها وهو يؤكد على حديثه:
-أنا اللي ابنك، وأنا غيور بصراحه ومحبش حد يشاركني فيكي فاحسن حاجه عملوها انهم سابوكي ليا.
ابتسمت وربتت على وجهه فساعدها بالوقوف وتحرك بها للخارج لمكان مائدة الطعام، ظل الجميع يتناولون الطعام بهدوء مريب ولكن فور أن انتهى هو من طعامه وقف وأخبر زوجته: