جالسا على المقعد الغير مريح بالمشفى مطرقا رأسه وكل فينة وأخرى يقف ويقترب منها لتفقدها إن ما كانت بخير أم لا فيعود ليجلس مجددا على نفس المقعد مسندا رأسه على ساعديه يحمل هموم الدنيا فوق رأسه.
طرقات خفيفة على الباب اتبعها دخول الممرضة التي بدأت بتفريغ كيس تحميل المخلفات وتظبيط المحلول الطبي المغذي لها فانتظرها حتى انتهت من عملها وسألها:
-هي ممكن تفوق أمتى؟
أجابته وهي تهم بالخروج:
-مش معروف للأسف، هي في غيبوبه والجلطه كمان أثرت عليها، ادعيلها.
دمعت عينيه واقترب منها ينظر لملامحها الواهنة ووجهها النحيل، فكيف أصبحت بهذا الشكل بعد عدة أيام تعد على أصابع اليد الواحدة؟
مسح بيده على شعرها الأبيض وتمتم متأثرا لتلك التي كانت بيوم من الأيام تقف لترعي عائلة بأكملها وتمتم بحزن:
-هتفوقي امتى يا ماما؟ انا تعبان اوي ومحتاجك.
قبلها من أعلى رأسها وابتعد عندما دلف أخيه يربت عليه:
-فوق كده يا مالك، مش معقول اللي أنت فيه ده، فوق وروح شغلك انت من يوم اللي حصل مروحتش الشغل.
وقف أمامه ينظر له بحزن وسأله:
-متعرفش التحقيق وصل لأيه؟
أجابه مقوسا فمه:
-هيتقيد ضد مجهول لو أنس قال نفس الكلام اللي قولناه، الظابط صاحبك كان مستنيه يتحسن شويه عشان يعرف ياخد أقواله فلو أنكر أنه يعرف أو شاف حاجه الموضوع هيتقفل، أنا مش عارف ازاي الشارع والجيران كلهم شهدوا بنفس الكلام كأن حد ملقنهم؟
ابتسم بسخرية وهو يعقب:
-هيكون مين غيره، فارس الفهد.
لم يهتم الآخر بتذمره من فعلة فارس ولكنه أضاف:
-حتى لو هو ، كده كده احنا كلنا عايزين الموضوع ينام وزي ما أنكرنا معرفتنا بحاجه الناس كلها انكرت اللي حصل.
جلسا فسأله مالك بحيرة:
-نتيجة تحليل الdna طلعت ولا لسه؟
أومأ وهو يخرجها من جيبه:
-ابنه يا مالك، الست مكذبتش.
ترقرقت عينيه بالعبرات ونظر لأخيه بانكسار وهو يبكي:
-يعني نرمين معاها حق! أخويا فعلا كان بيتحرش بيها وعايز يغتصبها وهي لسه مراتي وعلى ذمتي، معقول في أخ يعري عرض اخوه بالشكل ده؟
لم يعقب أخيه على حديثه بل تركه يخرج ما بداخله:
-أنا ازاي كنت اعمى كده! نرمين حاولت أكتر من مره توصلي اللي بيحصل وانا كنت عامل ودن من طين وودن من عجين.