|هاربة إليه|

72.3K 2K 610
                                    

«قلبٌ هاربٌ... و عينان راقصتان

🤎

ـــــــــــــــــــــــــــ

وسط زحمة السير و أزيز عجلات السيارات المتلاحقة في مدريد... يدقق السائق كثيرا في سحنة الشقراء الجالسة خلفه تماما، ثم يدعي أنه يرعى الطريق أمامه و هو يتابع حركاتها المضطربة خلسة، لكن الشقراء كانت لا تعيره اهتماما بعدما حققت المستحيل أخيرا... و فرَّت كالطير السجين من القفص الذي يطبق على خناقه، جففت قطرات عرق طفيفة من عنقها و كتفيها بالوشاح الذي تدثرت به أثناء الفرار، و فكرت مذعورة من أن يراها أحدهم أن الفرار من الزيجات ليس بتلك المغامرة الممتعة كما تصوره الأفلام السينمائية، إنه تصرف أحمق و لعنة ستطاردها طويلا على ما يبدو، لكنها سعيدة بحماقتها، أليس هذا أفضل من الزواج بنيكيل الخبيث؟! ها هي ذي تهزُّ ساقها اليسرى مجددا حالما استعادت ذكرى خيانته لها، لم يجمعهما ذلك النوع من الحب الجارف، لم تكن تستلطفه حتى أو تتحمل تودُّده المزعج إليها، لكن الخيانة هي الخيانة بالنسبة للنساء، ثم ها هي أخيرا تتخلص من زوجة أبيها التي أذاقتها المر لسنوات طويلة.

انتبهت للسائق الذي ظل يطالعها عبر المرآة الصغيرة منتظرا سداد أجرته، فشهقت معتذرة و نقدته على الفور، ثم ترجلت من السيارة متفحصة بعينيها الزرقاوين مبنى المطار. أسرعت خلف أجساد البشر المتراكضة نحو الطائرة المنشودة بعدما أتمت كافة الإجراءات بسلام، و ما هي إلا ثوانٍ حتى وجدت نفسها على مقعدها تستعد للإقلاع مخطوفة الأنفاس. ليست المرة الأولى التي تحلق فيها جوا؛ لكنها المرة الأولى التي تكون فيها فارَّةً كالمجرمين، حسنا، هل يعقل أن يكون النفاذ من علاقة مشوهة جُرمًا؟ اللعنة! من سيجيبها على هذا مثلا؟ الرجل الرصين الذي جالسها على يمينها و لم يفلت أوراقه المهمة منذ إنطلاقة الرحلة... أم العجوز المسنة التي ثقبت أذنها بثرثرتها حول نجاح زيجات بناتها الخمس في مدريد... ثم استباحت النوم على كتفها كما لو كانت تنام على صوفا مستهلكة منذ الألفية الأولى!

تغدو المضيفة ها هنا تارة ثم إلى هناك تارة أخرى ملبية الطلبات، و تتبعها نظرات لونا كما يتبع الظل صاحبه، زاغت عيناها إثر ذلك، فكفت عن ملاحقة المضيفة، و تطلعت عبر النافذة الصغيرة نحو صفاء الغيوم، هذا الصفاء يشبه لون الفضة في مجوهرات والدتها إزميرالدا، أغمضت عينيها للحظات ترسم في خيالها تفاصيل ذلك الوجه، و ثنيات ذلك الجسد، صدرية سوداء مكسوة بشرائط الحرير تغطي نهدي المرأة، و تنورة واسعة مغرية تدور حول خصر نحيل و وركين مثيرين، ترقص المرأة بفتنتها الغجرية في خيال لونا حتى كادت هذه الحالمة تهز خصرها أيضا و تلويه على مقعدها، لولا أن ارتفع صوت الطيار معلنا موعد الهبوط بأمان على المدرج!

عروس ديابلو|𝕯𝖎𝖆𝖇𝖑𝖔'𝖘 𝕭𝖗𝖎𝖉𝖊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن