الفصل 1|حسناء الشاحنة

37.4K 1.7K 584
                                    

في الحب فقط... تشرق الشمس من مكان مختلف!❝

١

بوغوتا العاصمة
عصرًا...

...

احتكَّت العجلات بأديم الطريق المعبَّدة مخلِّفةً شرارًا خافتًا، انعطف ديابلو بقوة نحو اليمين يتلافى الإصطدام بسيارة الشحن التي قطعت مساره و كادت تقلب شاحنته صوب الوادي السحيق!

و زمجر حانقًا على الأبله الذي تسبب بذلك:

"اللعنة!"

أفلت المقود بهياج، ثم تطلع بالمرآة الجانبية، و تجرد من قبعته السوداء ليلقيها على المقعد المجاور بحدة، فتحررت خصلات شعره الفاحمة من قيدها، و تهدلت على طرف من جبينه صارخة بوسامته التي تشد إليه أي ناظر أينما حل و ارتحل، حتى و هو في أشد غضبه و رغم لعنات لسانه كان يجتذب إليه النساء كما تجتذب الأراضي البرية نحلات الحقول العطشى للرحيق!

انحنى لوهلة يستطلع الوضع من نافذته، فتلامست القلائد العجيبة التي يرتديها حول عنقه بإفريز الشاحنة، ثم أطلق وابلاً من الشتائم الغاضبة و هو يترجل من مقعد القيادة صافقا الباب، و تابع بخشونة بينما تمسح عيناه المتسعتان إطارات مركبته العزيزة قبل أن تتحولا إلى التفرس في الوجهة التي فر إليها السائق الآخر!

ركل ديابلو حجرًا كان يربض قرب قدميه، و من بين أسنانه المشدودة تابع غليان لسانه المنفعل:

"سُحقا لذلك الأهوج الرذيل!"

أفلت أنفاسه الحارة من فتحتي أنفه كثور هائج، لاحظ أن قطرة مطر تهالكت فوق مقدمة حذائه الأسود، رفع بصره يتحقق من السماء الملبَّدة و عبثًا بحث عن الشمس التي غلفت نفسها بالغمام الرمادي، و لما وجد أنه لن يعود لاستئناف القيادة إلى و هو في أتم هدوئه، أشعل سيجارة على الفور، و طفق يمتص منها دخانًا مُنجيًا، فتمتص منه لفافتها الانفعال الطاغي كما يرجو، و أغمض عينيه يسيطر على أعصابه قبل أن يواصل رحلته إلى «إنفيرنو» حيث يعيش!

كان الجميع ينادي تلك المنطقة النائية بالجحيم، و هذا تماما ما يعنيه إسم «إنفيرنو»، ليس لأنها سيئة إلى ذلك الحد، بل لأنها و منذ سنوات شهدت أبشع حادثة على الإطلاق، و للأسف... كان ديابلو جزء أصيلاً في ذلك اليوم اللعين، زفر بشحنة غضب كريهة، و طرد تلك الذكريات من مخيلته، ليصب جام اهتمامه الآن على معاينة العجلات!

من الجيد أن اطاراته سلمت مما حدث، و إلا كان طارد ذلك الوغد صاحب سيارة الشحن حتى آخر نقطة في الأرض!

في ذلك الوقت اطمأنت لونا مربتة على صدرها بطمأنة أن الوضع تمام، هي بخير، و كل ما حولها من أغراض كذلك، كانت قد جاهدت نفسها طوال الطريق التي قطعها السائق المجنون، تمنع يديها من التقاط ثمرة فاكهة تذهب عنها الجوع الذي هصر أحشاءها، لم تفعل هذا من قبل و لن تفعله الآن، هي لا تأخذ شيئا ليس لها الحق فيه! لكن لو اقتصر الأمر على الحوع فقط لتحملت لساعات أخرى، غير أن التعب طال كل عظمة في جسدها البائس، و معنوياتها أكثر بأسًا من المتسولين أنفسهم!

عروس ديابلو|𝕯𝖎𝖆𝖇𝖑𝖔'𝖘 𝕭𝖗𝖎𝖉𝖊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن