الفصل 16|امرأة ديابلو!

26.6K 1.1K 1.2K
                                    

أفسِح لي ضلعيك...
أودُّ الخُلود في موطني!

١٦✍

إينفييرنو
يومان لاحقًا...

من قلب الألم تزهرُ بشكل عجيب أشواكٌ واخزة، و تتفجرُ منها براعم أمل ضئيلة، أملٌ في رؤية إبتسامته الحية مرة أخرى، و مع حدة الأشواك و تطاول البراعم تنشطرُ لونا بين الوخز و الأمل و هي تتابع دفع الرياح الشمالية لكُتَل السُّحُبِ في عرض السماء، تنذِر بمطر قريب. ثمانٌ و أربعون ساعة انقضت و ديابلو متواجد بمعيتها كالشبح، عفوا! ثمانٌ و أربعون شرخًا أصاب قلبها!! كثيرا ما كان يمر أمامها دونما تحية، و لا يجلس إلى الطاولة معها لتناول ما تعده، و لا يعد شيئًا بنفسه كما ألِف، يقضي نصف ليلته في الإصطبل، و يقفل راجعا إلى البيت قبيل الفجر لينام على الأريكة، يتجول صباحًا مع أحد الحصانين وسط الغابة دون أن يصحبها معه كما في الأيام الماضية، ثم يبتعد فوق عجلات شاحنته بعد إعادة مطيته للإصطبل، و في المساء، حين تعرف إينفييرنو عودة الشاحنة، لا يعود معها سوى وجهه العابس و عيناه الذابلتان، كأنما ذلك الغجري ذو النظرات المشتعلة و الثغر الضاحك قد إنطفأ للأبد!

أو لعل ديابلو الحقيقي كان طيلة اليومين يظل عالقًا في مكان ما، بينما لا يمكن أن يكون هذا العائد بعبوسه و بروده سوى خداعًا بصريًّا!

أطلقت لونا سراح تنهيدة طويلة قبل أن تشعر بشيء قوي يسحب جديلة من شعرها إلى الخلف!

"آه ماجو أيُّها الشره الشقي... ليس مجدَّدًا!".

استدارت نحو الحصان متأوهة تجمع شعرها المتناثر و تدسه تحت قميصها مستاءة، ثم ابتسمت و تأملت تكشيرته بنظرة متسامحة، قبل أن تضيف في استنكار يشوبه اللطف:

"لا أصدق أنك تقضمُ شعري بدل طعامك! أنا بشرية يا صديقي، و البشرُ لا يُستَهلكون!".

تمهلت قليلا تفكر فيما قالته، ثم أفرجت عن تنهيدة ثانية، تدركُ أنها مخطئة، الألم يستهلك البشر، الحزن يفعل ذلك، و الحسرة! ملأت شدقي الحصان الأبيض بالعلف خاصته، ثم طفقت تسرِّحُ خصلاته الناعمة بمشطه الخشبي متمتمة:

"كلا يا صديقي، يُستَهلكون...".

أسقطت أصابعها المرتجفة المشط، و فوق ذقنها المتجعد تأثُّرًا، إرتعش فمها المُكوَّر متابعةً بصوتٍ تعوزه القوة:

"...إلى حد التلاشي!".

أغمضت عينيها متذبذبة، تطلق العنان لدموعها، تحرر شيئًا من الأوجاع الحبيسة داخلها، تشعر أن الهذيان يهاجمها، بينما تغطي وجهها بيديها النحيلتين، توقن جزمًا و حلمًا و ألمًا أنها على وشك السقوط، و أن على أحدهم ضمَّها، و لطفا فليكن ديابلو! يا للسموات! أحست بجسد دافئ يدنو منها، و برأس تنخفض على كتفها تهبُها ما طلبت! لا... لم تكن محظوظة إلى ذلك الحد ليكون محتضنها ديابلو نفسه، لكنه كان واحدًا من أوطانه...

عروس ديابلو|𝕯𝖎𝖆𝖇𝖑𝖔'𝖘 𝕭𝖗𝖎𝖉𝖊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن