٢٦-زوجة ثانيَّة

1.3K 93 211
                                    


الفصل السادس و العشرون| ندمٌ متأخر.

__________

صرخةٌ لم تسمع و استنجاد لم يُلبى و بكاءٌ لم يتوقف، ترجي متكرر و جسدٌ يقاوم و لكن لا فائدةٌ.

جالسةٌ وسط السرير و غطاء يستر جسدي، أصوب عيني على بقعة الدم التّي لطخت الفراش، غائبةٌ عن عقلي لا توجد أفكارٌ تحوم حولهُ، فارغٌ تماما، لا توجد دمُوع تشكو حالتي فلقد استنزفتها في التوسل من أجل نفسي و فشلت فشلا ذريعًا.

مشاعر متداخلةٌ فما عرفتُ عما أعبر.

لو عبرتُ عنها دفعةٌ لمُت قهرًا، ألاَّ يكفيني قهر الصَّمت؟ هذا لأزيدهُ صوتا!

لا أرغب حتّى بلمس جسدي و لا الاستحمام في محاولةٌ مني لتنقيتهِ من النجاسةٌ و لكن ما الفائدةٌ إن لم أتمكن من تنظيف ذاكرتي، سينشر مجددًا شريط تلك اللحظات يستذكرني بأسوء ما مررت بهِ و تعايشت معه و لازلت في بدايةٌ مسار الحياةٌ.

أنا فقط كنتُ مراهقة بسيطة، كثيرةٌ الأحلام، عامرةٌ بالتفائل، مبتهجةٌ الوجه، سليمة التَّفكير، محبةٌ للناس و سعيدةٌ بما أملك، أحيانًا يتملكني الحزن كغيري، أعيش مواقفٌ يتفوقها سني، أجاهد في الحياة لأنصب لذاتي مكانةٌ في المجتمع.

كنت فقط مراهقةٌ بسيطةٌ!

الآن غدوت أحمل ثقلا رقى رتبتي إلى ناضجةٌ في الحياة قبل وقتي، تصدع عالميٌ و تبعثرت أحلامي لفتاتٌ يقتات منهُ غيري، أضحى الحُزن يتملكني مؤبدًا، مرهقةٌ المحيا و كارهةٌ للناس و منعدمةٌ الثقة اتجاههم، لقد لعبت عليَّ الحياة و نصبتني في مكانةٌ تفوق قدرتي إلاَّ أنني مجبرةٌ، سجنني الواقع خلف قبضانهُ.

-جيسو، هل أنتِ بخير؟

سألني والدي حيث كنت أقلب رقائق القمح الممزوجة بالحليب و شاردةٌ الذهن و معالمي سقطت متعبةٌ، لقد غادرني الربيع ليتناوب مع الشتاء.

-جيسو!

نادني للمرة ثانية باسمي و لا ردٌ مني حتّى شعرت بنكزةٌ على ساقي لأسمي رأسي و أخيًرا، فوجدتُ كل الأبصار مصوبةٌ ناحيتي رغم هذا لم أنطق بحرفٌ و اكتفيتُ بالاستفهام بعيني منتظرةٌ منهما الحديث.

-ما بكِ يا ابنتي؟ كنت أناديك منذ ولهةٌ مضت.

بدا القلق على وجههِ ينتظر مني جوابٌ يزيح هذا الشعور عليهِ.

-أبي.

نطقت بصوتٌ مبحوح واهنٌ.

 زوجة ثانيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن