فضلاً لا امراً :
قَبل القراءة اذكر الله
" مــاشَــاء الله تَــبــارك الــرَحــمَــن "" ومن طيات الاَفق بدأناَ "
..
على إمتداد حبَات الرمل التي تراكمت فوق بعضها واحتضنت كل حبّة رفيقتها بكل قوة وإنسجمت بشكل مثالي في منظر مهيَب إمتد على مساحات شاسعة بعيدة عن محيط العين ، تتسلط أشعة الشمس على إمتدادها لتظهر هذه الحبّات باللون الذهبي اللامع معُلنة بذلك غروب شمس هذه الليلة ككل ليلة تغيّب فيه الشمس في منظر بهييّ تتعب له القلوب من شدة رقته وعذوبته !
وعلى عتبة قمة جبل او كما يسمىٰ " جبَل ساريَ " بوسط السيارة الحمراء " الدسن" اللي تتمايّل عجلاتها على حبات الرمل وبوسط تمتمه بالدعاء بصوت خافت ، تزايدت البسمات على وجهه بتنهيّدة عنيفة إنجبر يحررها من وسط صدره من شدة روحانية هالساعة الأخيرة بأيام العشر الأخيرة من رمضان وقف بالمكان المُعتاد ، قُرب الجبَل .. بوسط هالمكان وجُهز لأجل يكون مكان يتردد عليه وحاجة الناس له ودمّر صدورهم من لهفتهم عليه وأولهم صاحببّه اللي عجز يصبر عنه أكثر رغم إنه أكثر شخص يعرف مدى غضبه من قطع خلوته بنفسه ومع هالمكان بالذات الي تحيّط فيه جماعات كثيرة وما تنعد من" الإبل "
ارخاء جسده على احد النياق الموجوده والي لفة رقبته حوله ابتسم بهدوء من سمع صوت سيارة الددسن والي توقفت لينزل منه وهو يتأمل غروب الشمس بروحانية .. اتجه لخلف وهو ينزل صحون الافطار توقف من التفت وهو يبحث بأنظاره عن صاحبه الغائب لعلها يطفي جوع عينه بشوفه ، ولكن بعد لحظات ، شهقة عنيّفة دمّرت خلايا صدره تلتها رجفة هائلة إهتزت على إثرها كل أوردة جسده إستشعر أن روحه تتلاشى وإن قلبه أوشك على الإنفجار بسبب الشعور البّشع اللي دمر سكونه وبسبب دقات قلبه الهائلة اللي أعلنت التمرد وغسلت مجرى الدمع بعيونه بملوحة هائلة أهلكت محجر عينه وأجبرت كفه يرتعش بلا رحمة .. رُميت بسببها كل الصحون الصغيرة مُحدثة صوت دويي مزعج نافسه في هالإزعاج صوته الصارخ والحاد والمرتجف وهو يركض بكل طاقته وكل الي يلهث فيه ويتكرر على مسامعه هو إسمه بس " يااااااسررر "
كان يناظره بوسط توسيّعه لخطواته وهو مرمي على الأرض بجسده الصلبَ والقوي كورقة هاملة لا روح فيها إلتف على عُنقه نحر الناقة الطويل بشكل حجب رؤية وجهه للمحيطين حوله يريح يده بجنبه بعشوائية ، هذا المنظر بحد ذاته كان أشبّه بكارثة مُدمرة ل " فهد " صاحب هالـياسر من مهد الطفولة ، صوته المزعج والي أنفجر بالمكان بشكل كارثي سرق الأمان من هالناقة وإنجبرت ترفع رأسها بتوجس وخوف في ظل إزاحة ياسر لعنقه ورفعه لرأسه بضيق وهو يلمح الي أنهار بجنبه باللحظة اللي رفع رأسه فيها يناظره بذهول وصدمة أخذت من عمره عمر ومن راحته الشيء الي مُستحيل ينرد ولا لسنين طويلة !
كان منظرة والناقة ملتفة حول عنقه في سكون فاجعة ومصيبة كارثية ظن فيها إنه فقده وللأبد لذلك تنهيّدة الراحة اللي إستقرت بصدره هاللحظة نسّته خوفه بلحظات بسيطة رفع رأسه لفوق وهو يأخذ نفس بصعوبة ويمسح عيونه بعجلة وببراءة بطرف كمه لأجل يلمح اللي أستقر برأسه من جديد على حبَات الرمل ولكنه أسند يده تحت رأسه بهدوء يريح يده الثانية فوق عينه وصوت تنفسه الهادي يخترق سكون المكان بعدما إستقرت الناقة بمكانها المعتاد مع القطيع ، قال بسخرية ومازال على هيئة جلوسه الهادية : لا تكون طفل يا فهد ، ولا تنفث أنفاسك الحارة على رأسي تظن بسواياك إني بقوم وأطبطب على كتفك لأن أفكارك الغبية تركتك ترمي الفطور بوسط التراب
شد على كفوفه بقهر ينقل نظراته للمكان بضيّق وهو يضرب كتفه بحنق : أنت غبي ؟ ما تخاف الله يا مسلم ؟ زرعت الموت في قلبي مثل ما يزرعون نبتّة سامة بأرض خصبة أنت شفت منظرك ؟ ورب العبّاد إن الموت تسلل لروحي وإني حسيت إن نهايتي
راقبه برود الشخص اللي مازال على حاله وملامحه ساكنة وهادية وما كإن هالشخص ينثر عتابه بكل غضب على سمعه ! تأفف بقهر وهو يمسح على وجهه ويوقف وهو يثبت يدينه بوسط جسده بعصبية : والفطور ؟ ماباقي شيء على الآذان ؟ راقب الشخص اللي مازال صامت وهادي تنهد ونقل نظراته للمكان : تعرف ؟ العتب كله علي أنا فهد اللي أهلكني الشوق وجيَتك يالي تشبه هالصحراء المعتكف فيها ..
——
وعلى أعتاب جبل ساري
تفوح راحت شجرة الليمون .. وتفوح بعبق الزهور .. ونسيم الهواء يحرك اغصان الشجر
وتمزج راحت القهوه .. والهبوب البارده تعصف بهم .. والهدوء يحوف المكان بسـكـونَ .