🍷جريمة متناثرة🍷

47 3 0
                                    


تأتي حكايتي في زمانٍ غامض، في مكانٍ مظلم تعانقه الغيوم، كلما حاولت النجوم أن تلقي ضوءها المتلألئ. كان المكان كالصفحة الأولى في كتاب قديم، تنتظر أحداثه بلهفة، وفي خفاياه ينام سرٌ لم يستفق بعد. 

في كل مرة أصف نفسي بطريقة مختلفة، وفي كل مرة أجد نفسي تائها في عمق مجهول، كغابة تتشابك فيها حقول من الورد القرمزي المحرم 


أوقف سيارته أمام المركز الجنائي وترجل منها، دخل يجدُّ في طلب طريقة توصله إلى غرفة الاستجواب، توقف أمام شخص عشوائي وأردف:

- هل تعرف الضابط المسؤول عن قضية قتل المدير بيريوس؟ أنا أحد الشهود على القضية.

-شكرا لحضورك، نحتاج أي خيط يقودنا لحل قضيته، خصوصا مع استلام النقيب الأول للقضية، إنها شديدة في هذا الأمر ولا تلبث تجدها عاكفة في مكتبها .

- إذا دلني إليها؟ لدي معلومات قد تفيدها.

همهم ليخطو نحو مكتبها ووراءه دانييل يخفي ابتسامة هادئة، دخل بعد سماع إذنها له وأدخل معه الآخر.

- حضرة النقيب إنه شاهد على قضية بيريوس.

- تستطيع أن تتركه وتذهب يا باتريك، شكرا لك.

ذهب مغلقا الباب وراءه، بينما نظرت ڤيولا نحوه وأشارت إليه بالجلوس، استراح ونظر نحوها بتعمق ، بينما أردفت هي:

- حسنا، تبدو شخصا لبقا.

رسم ابتسامة جانبية على شفتيه وقال بينما يعدل ربطة عنقه :

- اجل، لبق بشكل سيروق لكِ آنستي.

- يظهر أنك جريء نوعا ما، أخشى أن تجرحك بعض أوصافي لك، فأنا سأقول ما أرى خلال فترة التحقيق بيننا.

- صدقيني لن تتفوهي سوى بما يليق بمكاني ، لن تجدي  مني ما ينزع روحكِ طول هذه المدة.

- تعجبني هذه الثقة، لكنها لن تفيد إذا لم تقدم اسمك. 

- أوه، دانييل، دانييل سيرافيوس، لا شك أنكي تعرفين لمن يعود هذا اللقب؟ 

- لوالدك بالطبع.

نظر نحوها مستغربا جوابها، حسنا هي محقة وقد أسكتته ومشت في عكس الاتجاه الذي في باله.

- أجل بالطبع هو لوالدي، لقد عُرف عبر أجيال متتالية

لم ترد تخييب أمله وألّا ترد على موضوعه هذا، لذا راددته بقولها:

- لقد عُرف بظلمه واحتياله وجماله الأخّاذ، ولا أرى أي فرق بينه وبين ابنه الذي يقابلني.

حسنا مالذي تفوهت به بحق حياتها البئيسة؟ ( أردف دانييل بينه وبين نفسه)

- هذه إهانة يا آنسة، ولا أتقبلها كأي شخص، أنا أردها بطريقة ليست جيدة.

-أوه أذكر أنني أعطيتك تحذيرا مسبقا عن صراحتي أيها السيد، وكيف مثلا ستردها هممم؟ هل تعرفني من قبل مثلا وتريد تذكيري بأخطاء في الماضي؟ إن كانت هذه طريقتك فهي مشكلتك، لا يمتلك جميع الناس نفس مخاوفك ونقطة ضعفك.

- أرى أنكِ تأخذين كامل راحتكِ في الحوار ألم تلاحظي ذلك؟ لقد دخلتي كنقيب أول عن طريق الرشوة صحيح؟ عليكِ أن تعترفي بهذا.

ضحكت وقد أدمعت عيناها بينما هو بات يناظرها ببرود.

- علي الإعتراف أنك ساذج وقح مضحك، أه يا إلاهي، تعلم جيدا أنني أستطيع سجنك لأنك تتهمني باتهامات باطلة صحيح؟

- لن تفعلي هذا إلا إذا كنتي ترغبين بتمزيق جلدكِ على يدي

- حسنا حسنا يبدو أن هذا النقاش سيشتعل، إذا أخبرني ما علاقتك ببيريوس؟

- ليس من الواجب أن تعرفي.

- حسنا أذكر أنك جئت إلى هنا ودخلت برجليك وملأت هالتك التي تشبه نبلاء العصور الوسطى المكان، أوليس كذالك؟

- لقد نسيت كل شيء، لم أعد أرغب بإخباركِ أي شيء.

- أعتذر ولكنك الآن مجبور.

نهض من مكانه متوجها نحو الباب وسط ابتسامة الاخرى الواسعة. 

- لن تفلت مني سيرافيوس صدقني، توخى الحذر أيها النبيل .

- أنت تهددين الآن.

- هممم، ربما؟

- ستدخلين في دوامة لا مخرج منها.

- أحب مثل هذه الألاعيب، إنني ماهرة بها.

- ستكون هذه لعبتي حضرة النقيب

- أستطيع اختراق كل ما يخطر ببالك، وأن أجعل من عرين الأسد جحر أرنب.

كتف يديه ينظر نحوها وبات يقترب حتى وقف أمام مكتبها، وضعت رجلا فوق الأخرى وناظرته رافعة حاجبها .

- هل لديك ما تقوله؟ .

مال بجزءه العلوي مقتربا منها وقد أسند يديه على الملف الموضوع على مكتبها، مرر أنامل يده اليمنى على النجوم الثلاث المصطفة على كتفها وأردف بهمس

- حسنا ڤيولا ماري، ستكون اللعبة بيني وبينك، ستكونين مسؤولة عن أي طرف خارجي يدخلها من جهتك، كوني بهذا المستوى واقبلي التحدي أيتها الجميلة.

نهضت هي الأخرى واقتربت تعدل ربطة عنقه

- سأوافق إن كنت تجيد ربط هذه أيها النبيل، أصبحت هكذا أجمل، حسنا لا أطراف خارجية أو تدخلات، هذه شروطك فقط؟

نظر نحوها بشك وأردف:

- حين ترين الصرامة فيها ستعلمين أنني محق، ليس كل من يأتي إلى مكتبكِ يكون مواطنا عاديا أيتها الفاتنة.

- شكرا لإطرائك الصادق، أراك في وقت لاحق.

- طردة محترمة سأتقبلها برحابة صدر.

- ستحتاج رحابة الصدر كثيرا خلال فترة لعبنا، أوه أليس هذا صوت قطة في الخارج؟ لم لا تذهب وتتفقدها؟.

ابتسم بسخرية وخرج بعد أن أغلق الباب، وكان آخر ما لمحه نظرة المنافسة التي  لمعت بها عيناها الآسرة.



٠٠٠



غابة الورودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن