نديم

9 2 0
                                    

في بهت الضباب ضائع..وفي وسط الأكاذيب واقع..وفي خيال الفؤاد راكع..هانت الأيام وانتكس الزمان وتساقط الرمان..ولا زلت أصارع فيما يسمى الذهان!!

الخامس وعشرون من أكتوبر 2024

مضحك أنني ما أزال أرتب أحرفا لأشرح حالي، جالس في مكتبي أتخيلها وأفكر بها، مؤمن بوجودها ومكذب لحقيقة أنها مجرد هواجيس..فهل هذا هو الهوس؟ مرت أشهر ولم يتكرر فقداني لوعيي أو ماشابه..عدنا إلى باريس لأستكمل أعمالي أجاهد في استعادة نفسي وأكره مجاهرة إيثان بمشاعري ورغبتي في البحث عنها، ..وأفشل في إخبار نفسي أنني ابن سيرافيوس وأقول فقط..ضعت في أوهامك ياذا النبل.. انتفخت آخر صفحات كتبتها لدموعي الساقطة..وليست ساقطة بمعنى (واقعة) بل مثل ما فهمتم، طرقات على بابي قطعت تفكيري وكنتُ  أعلم جيدا أنه ليس إيثان، فقد حفظتُ أصوات مفاصل إصبعه ولم تكن هي..لذا قلت بعد صمتي لدقائق وسمحت بالدخول للقارع.. فُتِح الباب  ورافقه صوت كعبها بينما مررتُ بصري عليها من الأعلى الى أسفلها، اقتربَت متكئة على طاولة مكتبي قائلة:

- إذن يا نبيلي، لا تسأل عني وإن طال غيابي ومضى الزمن؟

عيناي ضاقت بتردد والريق جرى في مجراه، مرَّرت أناملها على ربطة عنقي ساحبة لها نحوها مقربة بذلك وجهي من وجهها، قبلة رقيقة على وجنتي اليمنى ـ من اتجاهي ـ وابتسامة جانبية منها.

- تكلم وانطق لعل فيك (فمك) ينطق بما فيك.

استنشقتُ أجمع أنفاسا واستقمتُ واقفا أمامها مردفا:

- تعب كلها الحياة يا زوجتي..أولستِ تملكين ما يريحني؟

- أما إغراق وجنتيك بالقبلات.. أو ترك دموعك على الصفحات.

فُتِح الباب مجددا .. اقترب إيثان بسرعة يسحب كوب القهوة من يدي قائلا:

- يا رجل أين أنت شارد انظر إلى هذا السائل..لم يتبق به في الكوب من حائج.

ناظرته ببهت وبانتكاس قلت:

- لحظتي وقد قطعت، فهل أمرك به جلل؟

- دواؤك يا سيد، اقترح أيضا أن نذهب للتنزه قليلا، فما مقيلك؟ 

- لا أملك سوى نعم، فهيا على عجل.

- جيد ولكن أوقف الوزن والقافية في كلامك فلا أستطيع مجاراتك.

- لم أطلب منك مجاراتي .. فلم تصر على معاداتي؟

- لأنني أشعر بانتقاص في معجمي بجوارك لذا هيا نذهب فقط.

ابتسامة صغيرة وإيماءة هادئة كانت دليلا على موافقتي.

...

نسمات دافئة مزعجة وصوت صدأ المراجيح..كلها عوامل تصنع تعكرا مزاجيا طفيفا بداخلي، وكيف؟ عاقد لحاجبي صامت لا أتكلم وأتأمل أطفالا يلعبون حولنا فقط، لكنني وفجأة وجدتُ حاجة في نفسي وقلت:

- كنت أفكر ماذا سأختار اسما لطفلي الأول يا إيثان.

ابتسم لي بحنان ولمعت عيناه، وقال بنبرة تخيير:

- حسنا ربما يكون مشتقا من اسم زوجتك ولكنه على وزن اسمك، أو العكس.

أعجبني اقتراحه مسببا ابتسامة صغيرة لي، أغمضتُ عيني لثوان أتخيل ثم قلت:

- إذن لاڤييل أو دِنولا؟

- كلاهما رائع حقا والاختيار صعب لهذا ما رأيك أن تمتلك طفلين؟

- عدد قليل هذا..أرغب ببناء مجتمع كامل من الذكور والإناث، وڤيولا قادرة على هذا.

- من سيقرأ كلامك هذا لاحقا سوف يكرره أكثر من مرة لصدمته.

- على الأقل أنا لا أُزوِّر فيما أقول وأكتب كل ما يحدث دون زيادة أو نقصان ، ليست مشكلتي إذا انتقد أحدهم كلامي، متدني الذوق أفضل من عديم الذوق..وقد بدأت أغضب من حرارة الشمس، أنا رجل يكره الربيع يا إيثان.

- بعض المثلجات سوف تجدي نفعا.

...

- إيثان...في عثرات هذا الليل الساكن..هل تعتقد أنها موجودة من بين ثمان مليارات؟

- إيثان غير موجود...فقط لوسيڤر...ولا أحد غيره حولك...

٠٠٠


غابة الورودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن