10- (رَحِـيـل)

1K 100 71
                                    

أسدلت الشمس خيوطها معلنة عن يوم جديد يصاحبه جنون جديد في بيت الدبابير الذي لم يعرف الهدوء إليه طريقًا ولن يفعل ..

خرج بهيج من الحمام المُرفق بغرفته، ونصفه العلوي عاريًا تتساقط عليه قطرات الماء من خصلاته المبتلة التي صار يجففها بطرف المنشفة، أنصت لزبدة تهتف بحماس وهي جالسة خلف المنضدة تصنع بعض الشطائر :

_صباح الخير يا سي يهيج يلا تعالى عشان تفطر، عملالك الأكل بإيديا

علق المنشفة خلف رقبته ثم بصر أطباق الطعام التي تغزو الطاولة، فنطق باندهاش وهو يتحرك نحوها :

_ايه يازبدة ده كله؟ مين هياكل كل ده؟

_انت يا قلب زبدة .. معقول أول حاجة تاكلها من ايدي واعملها لك أي كلام؟

نظر لها عن قرب ;فكانت ترتدي رداء أسود طويل من الستان، بأكمام مكتملة وحزام من نفس الخامة يلتف حول خصرها، وتربط شعرها المجعد ديل حصان دون أن تتخلى عن الإيشارب المعتاد الذي تزين به شعرها ..

_وانتِ عرفتي كل حاجة في المطبخ بقى؟

قالها وهو يتخذ مقعدًا بجوارها، فأجابت :

_لا نوفل ساعدني، كنت بسألُه على الحاجة وهو بيجيبهالي .. بس وغلاوتك ما حد دب ايده في الأكل غيري، ومن هنا ورايح مش هتاكل لقمة إلا من ايدي أنا بس

نبست جملتها الأخيرة بنبرة تحمل الدلال بين ثناياها، فابتسم لها عابثًا وقال :

_وماله؟ هو انا اطول؟

انبسطت ضحكتها وناولته شطيرة جاهزة وهي تقول :
_بالهنا والشفا

أخذه منه ونظر فيه بفضول متسائلًا :
_ده سندوتش ايه؟

_بيض .. نوفل قال لي إنك بتحب سندوتشات البيض المسلوق، خلّصه عقبال ما انزل اجهّزلك المانجا اللي بتحبها

أوقفها قبل أن تنهض وقال :
_استني انتِ مش هتاكلي معايا ولّا ايه؟

همت تجيب بسرعة :
_لا أكيد مقدرش

رفع حاجبيه بتهكم وقال :
_متقدريش ليه؟

_لازم انت تاكل وتشبع الأول وبعدين اكُل انا في أي وقت

لن ينكر أن أسلوب التقديس الذي تحدثت به راق له، ولكنه تقمص التواضع لرغبته في الجلوس معها والاستماع لطريقتها الكوميدية في الحديث، وقال :

_انسي يا زبدة الهبل ده وكُلي معايا، انا مش هاكل لوحدي ..

ثم مد لها الشطيرة مردفًا :
_خدي كُلي ده وانا هعمل لنفسي

قالها وهو يعلم ردها الذي ضاعف من غروره أكثر :

_يالهوي لا طبعا انا ممدّش ايدي على أكلك ابدا ولا اسيبك تتعب نفسك في حاجة، انا اللي هعمل لنفسي

عَصْر الدبَابِير || AGE OF HORNETSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن