9- (زفاف شعبي من الدرجة الأولى)

1K 103 56
                                    


تسارعت أنفاسها المختنقة أكثر واحتقن وجهها من عنف قبضته التي لم تفارق عنقها، استجمعت كل ذرة قوة بداخلها ورفعت يدها تضرب وجهه بعنف، فآلمتُه ونجحت لكمتها في ارتخاء يده عنها، فخرجت منها شهقة عالية تملأ رئتيها بالهواء وهي تستغل الفرصة، وتدحرجت بجسدها بعيدًا عنه بسرعة حتى استقرت على مسافة صغيرة منه وهي تسعل بعنف شديد

استمر السعال لوقت ليس بقصير إلى أن بدأت أخيرا تلتقط أنفاسها بصوت مرتفع، نظرت له تراه لايزال يحاول فك الأصفاد بأي شكل، لاحظت اهتزازه وزيادة ارتفاع أنفاسه وتعرّق وجهه البالغ ..

أغمض حسيب عينيه يضغط على جفنيه بقوة بسبب تشوّش الرؤية، يخفض رأسه للأسفل وقد هدأت محاولاته كثيرًا حتى أصبحت شبه مستسلمة ..

نهضت أوليڤيا عن الأرض ووقفت تعيد شعرها للخلف، وهي تطالعه بقلق من ذلك الهدوء المفاجئ .. يده تحاول فك الأصفاد ولكن بشكل مرتخي يدل على مدى التعب الذي عصف به ..

ثواني معدودة وخفق قلبها فجأة عندما حل الصمت التام، توقفت مقاومته ومحاولاته المستميتة في التحرر، بل وتوقف جسده عن الحراك مستندًا بجانبه على الكرسي باستسلام، ولم يرفع رأسه عن الأرض مجددًا ..

فغرت عينيها بفزع واقتربت منه سريعًا، رفعت رأسه بهدوء تنظر لعينيه المغلقتين ووجهه المستكين وهي تهتف بخوف :

_لا لا سكوربي انهض لا تكن ضعيفًا .... افتح عينيك أيها الدبور هيا لا تدعهم ينجحون بفعلتهم!

أخرجت منديلًا من جيبها ومسحت وجهه المتعرّق وهي تُسند رأسه على ذراعها الآخر، لم تتلقى منه أي رد فعل فواصلت مخاطبته بنبرة توشك على الهلع :

_استيقظ سكوربي لا تتركني أحدّث نفسي .. انهض يارجل لا تفعل هذا، انت لا تستسلم بهذه السهولة

حملقت بصدمة في ملامحه الثابتة ووجهه الشاحب بشكل مفزع، وضعت يدها بجانب عنقه تجس نبضه الضعيف، ليزداد الرعب فوق وجهها وهي تردد بقلة حيلة :

_سكوربي ..... استيقظ ارجوك !!

*
*
*

وقف فارس أمام المرآة يطالع انعكاسه ؛متخذًا فوق ملامحه كل معالم التقزز التي عرفها العالم، يرتدي قميصًا أبيض وبذلة رسمية سوداء اللون مع ربطة عنق، بالإضافة للمسة غير متناسبة مع المظهر بالمرة .. ألا وهو "الكاب"

لم يكن اشمئزازه من الكاب بالطبع، بل من تلك الملابس البعيدة كل البعد عن أسلوبه المميز ... التفت للآليين "نوفل ومسعد" وهم يحاصرانه ليستكشفا مظهره الجديد، وبصحبتهم بهيج الذي أتى بجواره وهو ينطق بابتسامة متحمسة :

_ها؟ جامد صح؟ .... ايه ده، ايه القرف اللي فوق دماغك ده؟؟

نبس استنكاره الأخير وهو يزيح الكاب من فوق رأس فارس فجأة ليدفعه بعيدًا، ثم عادت إليه ابتسامته وهو يدير صديقه إليه ليرتب شعره الأشعث بحرص، ثم يعيده إلى المرآة كما الرجل الآلي ..

عَصْر الدبَابِير || AGE OF HORNETSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن