في ممرّات المدرَسة تلْمع عيْنَان ياقُوتِيَتان وشعرٍ مُتلألئ فضيّ ، نظّارة ولكنّ صاحِبها كسَر ماهو معرُوف عن لابِسِيها ؛ وسيمٌ واجتماعيّ محبُوب ثَم وذكيٌ مهذّب وغنيّ .
كان مثاليًا من كلّ النواحي وأشهَر طَالب في المَدرسَة ؛ ما زَاد شهرَته هو غمَامة الغُموض الّتي تُحيط به فلا أحَد يعرِف شيئًا عن حَياته خارِج المدرسة ولا عنوَان بيته أو رقَمه حتى !
بل لا أحَد أيضًا رآه خارِج أسْوار هَذه المَدرسة قبْلًا ولا تعرّف عليه في طُفُولته .
كغَمَامة بَيضَاء أو كوادٍ مليءٍ بالضبَاب تشْعر نَحوه ، مَلِيء بالأسْرار ومثاليّ بكلّ المعَايِير لكن حقّا من هو ؟كلّ الطّالبات يحدّقن به بإعجَاب وكلّ الطلّاب بحَسد بَيْنما هو مُعتاد على أضْوَاء الشُهرة ويبْتسم لها بكلّ بسَاطة ؛
لَمح ذلك السّارح واقفًا أمَام الخزائن بِيَدان معقُودَتان ووجْه عاجِز فاقْتَرب منه ووقَف بجَانبه مقلّدًا له فَقال مازحًا : ما خَطب الخَزائن لِتقِف أمَامها هَكذا؟
_ ليْس الخَزائن ، أنا فَقط كُنت أبْحث عَن شَيْء ونَسِيت ماهوالتَفت تِيمور نَحو إيفان قائلًا : نَسيت؟ حقّا؟! هلْ أنت مُصاب بالخَرَف يا فَتى؟؟
_ الخَرَف ! يَسْتَحيل فَأنا لا أزالُ صَغيرًا عَلى هذا !
_ بلى أنت كَذلك
_لا ! مُسْتحيل !
_ بالمُنَاسَبة ؛ ليس من عادَتِك البَقَاء وحْدَك ، أين سَام؟
_ صَحِيح تذْكّرت ! سَام ، إنّه سَام كُنت أبْحَث عَنه ! هَل رَأيتَ سام؟
_ حقًا ! أنت فِعلًا خَرِف
_ أيْن سَام ؟ رَأيتَه
_ لا لَم أرَه ، أعتَقِد بِأنَه فِي الإبْرِيز ، هَل تَعرِف الطّرِيق إليه أم تَحتَاج مُسَاعَدة ؟
_كفّ عَن المُزَاح ، طَبعًا أعرِف الطّرِيق ! ودَاعًا
رحَل بِوجه عَابِس إثْر سُخْرِية الآخَر مِنه بَينما تيمور يَقف ضَاحِكًا عَلَيه بِخِفّة "غَبِي يا إيفان ، حقًا غبي"
________________________
وقَف إيفان أمَام بَاب الإبْريز ؛ كان نادٍ يُسَمِيه المُعَلّمون بِنَاد التَصوِير الفُوتُوغرَافي أمّا الطُلّاب فَيدْعُونَه بنَاد النّخبَة وأعضَاؤُه يُسَمّونَه "الإبْرِيز" تِلك الغُرفَة مَحظُورَة على أيّ أحَدٍ عَدا مَن يُسمَح لَه مِن قِبَل إيفَان وسَام ، وتَحوِي بدَاخِلِها أريكَة كِبْدِيَة اللّون أمَامها سجّادة ذَات لوْن أبيَضَ نَاصِع ويَمِينَها في الزّاوِية خِزَانة حَدِيدِية تَحوي كلّ مَا قَد يَحتَاجه مَريض كأدوِيَة الزُكَام والحمّى والمَنَاشف والضِمَادات ، أمّا جُدرَانها فَتَحوي صُورًا كَثِيرة مُعلّقة بذَات الطَرِيقَة التي تُعلّق بها المَلابِس على حَبل الغَسِيل وكُلّ الصوَر بلا استِثَْناء تَحوِي على ذِكْرَيات سَام وإيفان فقط لا غَيرهُما وسام كان صَاحِب هَذه الصُور ولا يَحِق لأحَد الاعتِرَاض ؛ خَلف الأرِيكَة تُوجَد سِتَارة كَبِيرة خَلْفَها مَكْتَب وحَاسُوب وطَابِعة صُور ولَوح كِتَابة أبيضَ وآخَر خَشَبي لتَعلِيق المُلَاحَظَات والكَثِير من الأورَاق والصُور والمُلَاحَظات وشَرَائط الأفْلَام وجِهاز تَشغِيل أفلَام أيضَا موضُوعَة بجَانِب الرِوايَات والقِصَص المُصَورة ، كُلّ هَذا جَعل من النّادي مكَان يَستَغِل مِيزانِيَته بذكَاء وهو محظُور على الجَمَيع بحجّة عَمل نِهَاية العَام الذي يُعِدونه ، أمّا أعضَاء الإبْريز فجَمِيعهم نَاجحُون وبِدرجَات رَائعَة ثُم وأغلَبهم من مشَاهِير المَدرسة وآخرون المَسؤُولون عن مُنتَدى المَدرَسة الإلكتِروني السرّي للأخبَار حَيث أنّهم غَطوا عَلى صَحِيفة المَدرَسة وأصبَحُوا مَصدَر آخِر الأخبَار لِكل الطَلاب دون عِلمهم بالمصدَر عَن ذلك ، يُوَثقون القِتَالات بين الجَمَاعات وتَدرِيبَات وأقوَال الريَاضِيين وأخَبار نُجُوم المَدرَسة وغَيرَها مما يُثِير إهتِمَام الطُلَاب عَادة ثُم وأيضًا هُم النَادي الوَحِيد القَادِر عَلى تَسرِيب الامْتِحَانات لذَلك دَرجَاتُهم لا تَقِل عَن الجَيد وتيمور بِحد ذَاته هو المَسؤُول عن حَلّ تِلك النَمَاذج المُسرّبة لَهم وضَمَان نَجَاحِهم ، كان أكْثر نُجوم المَدرسة مُشَارِكون فِيه إذ أن مَمنُوعات المدرسَة كالمَاكيَاج والطّعَام من خَارجها والأفلَام موجُودة هُنا والشرط الوحِيد لقبُولك هو إثْبات كونِك أهلاً للثِقه وإطبَاق فَمك فإن أفشَيت عَن شيء مما يحصُل دَاخل هذه الغُرفَة فسيَتَدبر أعضَاؤها أمرَك ويخرُجون من الموْضُوع بسَلاسة . هذه كانت غُرفَة الإبْريز حَيث لا يُمكن وصُولُها إلا بأحَد هَذين الإثْنين .
أنت تقرأ
هذه القصة بلا عنوان
Romance-أإذا نَسِينا الذِكرَى ؟ أنَنسى الشعور !؟ أتَخبّط في لوحةٍ بوِسع المُحيط ناصعَة البَياض ، أتنسَى قُلوبنا الألم حتّى بعد أن نسَت رؤوسُنا؟ "الفُصول هُنا عَديدَة ولكن قَصيرة"