أستيقَظ والظَلام لم يَنقَشع من سَمائه الصَافية بَعد ، ارتَدى ملَابسه المَدرسِية في وَقتٍ أبكَر مِن العَادة وجَمع تِلك الأوْرَاق المُلوّنة ذات أشكَال الأسهُم وأدخلَها حقِيبته ثُم همّ بالذهَاب نحو ذَلك التلّ القَريب ؛ قاد درَاجَته وبَدأ ذات الصَوت بالرنِين وهو غيْر مُبال لأحد قاصِدًا التَلّ ليَتنفّس نَسيمه العَليل ...
وَقف مُحدّقًا لأفُق الأرض مُنتظرًا ساعَة السَحر ، أخَذ نَفَسًا عَميقًا ثُم حدّق بظَاهر يَده الّتي حَمَلت أثر جُرح عَميق وبَدا قَديمًا جدًا فشَعر بشيء دافئٍ يسقُط عليَها ليَرفع رأسه نَحو هَمسَات الشَمس التي قد بدأت بالبُزوغ واقتَربت من دَغدَغة عَينَيه الّتي عَكَست صُورة الغُروب عليْها بل وأضَافت إلى تلك الصُورة بعضًا من النُور ، سَقطت قطرَة كالندَى من وَسط مُقلَته ذات دفئ الشَمس فلم يُقاطع مَسيرَها على وجنَته ذات الحُمرة المُتألمة لتتبعَها أخرى وتتسَابق معها أخرى وأخرى حتّى أصبَحت حِزبًا من الدمُوع يشُق طرِيقه عَلى عَجل .
_"أنا من الصَميم آسف ...شهقة
...آسف ...آسف !"يستَمرّ بالإعتَذار كمَا إعتَاد دومًا غيْر مُقَاطعٍ لتِلك المِلحيّات الدافِئة المُتسَابقة على هذا الوَجه البَارد عادة ويشْهَق بشدّة كأنّما قَد سَمح لقَلبه أخِيرًا بالتخلّص من أعبَاء السِنين بَينما طَرْفَاه غير مُفارِقان لمَسير الشَمس رُغم بُطئِه ، مَسح شيئًا من الدُموع بيَده مُعلنًا عن إنتهَائه من سَاعة النَدم ثم وبدَأ بالإبتِسام ثانِيَة كما اُعتِيد عليه ، رَكب درّاجته وبدأ الرَنين خَلفها يجوب صدى المَدينَة .
كان يَبذل أقصى جُهده لأجلِ إيفان دون كلل أو ملل ، يكرَه كِثرة الألوان لكن يمتَلك أقلَامًا بألوَان قوْس المَطر كلها كي يُحفّز ذاكرة الآخر بالنَظر إليها ، يُعلّق ذلك الجَرس الأكسيليفوني رُغم تَفضِيله للهُدوء أكثر كي يُشعر الآخر بأمَان كلّما تاه في طَرِيقه ، يُلصِق أورَاقًا مُلوّنة بأشكَال بَديعة على أبوَاب غُرف المَدرسة كي يربِط الآخر تِلك الأشكال بتلك الغرف ولا يَضيع بين الصُفوف ، يَقوم بجَمع الصُور للشَخصيات التي صادفَها الآخر كَثيرًا ويدرّبه على تَذكّرهم حتّى يُنعِش ذلك الرأس ، يَنام عِنده بينَما تكون أخته ساهرةً في المَشفى بسبب عَملها المتوَاصل كي يطمَئن قَلبه أن صديقَه بخَير ، صَنع إبرِيزًا لأجلِه وحوّله لمكَان يتمنّى الجَميع الإنضمَام له كي يسَاعده على النجَاح حتّى مع تلك الذاكِرة ، الحُصول على أصدقَاء رائعِين وعيش حيَاة مدرَسية يتمنى الجَميع عيْشها والأهم هو الصُور المُعلّقة في أرجَاء إبرِيزه الّتي وضَعها كي يُساعد الآخر على الإستذكَار أو على الأقل يُشعره بالإطمئنَان كُلّما حدّق في وجهه المُبتَسم بلُطف ؛ أخذ يُعلق تلك الأوراق ذات أشكَال السُهوم في أروِقة المَدرسة علّ ذلك يُسهل على رَفيقه الوصول إلى فَصله ، بذل أقصَى جُهده غير مبَال لسُخرية الطُلاب منه أو شَتم الجِيران له وبالرُغم من ذلك كان كل ما يَدور في كيَانه هو كَلمة "آسف" ترن في ألم بقلبه الصغير ...
أنت تقرأ
هذه القصة بلا عنوان
Romance-أإذا نَسِينا الذِكرَى ؟ أنَنسى الشعور !؟ أتَخبّط في لوحةٍ بوِسع المُحيط ناصعَة البَياض ، أتنسَى قُلوبنا الألم حتّى بعد أن نسَت رؤوسُنا؟ "الفُصول هُنا عَديدَة ولكن قَصيرة"