"درّاجة"

35 4 61
                                    

ذهَبي الشَعر ، داكِن العَينَين ، رقِيق الهَيئة والتَعامُل ، حتّى أنّك قَد تظُنه زُجاجَة تُكسر بأخف لَمسة ، ليس أفضَل مثَالا للرُجولَة والشَجاعَة فلطَالما عَاش مدلّلًا لكَونِه الإبن الوَحيد .

يَقود درّاجته بابتِسامَة وَاسعة ارتَسمت على شَفتَيه لفَخرة بِسبب اختِراعه الجَديد ، درّاجة أكثَر تألُقًا من خَاصة سَام تُغنِي بجَمِيع نُوتَات الأكسِيلِيفُون بلَحن مُنتَظم عكس خَاصة سَام الّتي تُمسّق بنُوتة وَاحدة لا غَيرها ، كَان مُخترِعًا عبقرِيًا يحِب العيش بَين ألاتِه الحدِيدِية وتَركِيبها .

يَجول بَين أزِقَة المَدِينة في طَرِيقه إلى المَدرسة ويَنتظِر ظُهور ذَلك السَاذج الذي يُلاحِق ذَلك اللّحن المُهتَرئ -الخاص بدراجة سام- عَادة ليُصدَم بكَونه شخصًا غير سَام ، شَخصًا جَديدًا ولَطيف يوّد صداقَته -إيفان - بأي طرِيقَة .
..
..
..
..
خَرج من المَنزل ورفع يَديه عالِيًا في السمَاء مع تَنهيدة عمِيقة تُعبّر عن راحتِه مع هذا الصبَاح ، وَعد أختَه اليَوم بأنّه سيَقدِر على الذَهاب إلى المَدرسة وَحده ويَاليتَه لم يَفعل ، نَسي الطرِيق وسبب خُروجه ووَعده لأخته ؛ ظَل يَدور فِي أرجَاء الحيّ على شَكل حلقَات وفِي كُل دورة يَعود إلى نُقطة البِداية حتى سمع ذلك الصوت ..

صوت مُحبب إلى قَلبِه لكِن بأسلُوب أكثَر أنَاقة ، بدا كَشيء مِن ألحان بِيتهُوفن تُعزفُ برقة.
لَيس وكأن الأمر يهُمه ففِي النهايَة مَالك ذلك الصوت هُو وَاحد يَعرفه جَيدًا ، ركَض كَما العادة لاحِقًا تِلك الأنغَام ، رأسُه مُهترِئ يُلقي علَيه الكَثير مِن الأفكَار المُشوّشة لكن من يهتم ؟
المُهم أنه سيلتقي بفُؤادِه ، قُطعة روحه ومُرشده
-سـ ... سام "لُهاث"
سَــــــام ....ســـ ..

سَكت حِين رأى مَصدر الٌلحن ، لا غُروب فِي عينَيه بل سَواد مُوحِش ، يبدو مُشرقًا لكن غير مُحبّب .

حدّق فِيه إيفَان وَسط لُهاثه إثر الرّكض وعقد حَاجبيه ثم شعر باضطراب في رأسِه وعبَس بشَكل وَاضح بينَما بَاتر يبتَسم بوِد يتوَسطه استغراب من رد فعل إيفان ، بقيت أعينهما على اتصال والصمت سيد المَوقف حتّى نَطق باتر بحنّية
-إيفان ... أضعت الطَريق ؟

-ما شأنك !
قَالها بعدوَانية

بدت الصدمَة على وجه باتر فتقوّست شفتَاه بعبُوس ونَطق بشيء من الحزن

-فقط أسأل ... لأنك صديــ ..

-كَاذب !
صرخ فيه وكأنه طِفل حذّرته أمّه من الحديث مع الغُربَاء فيُكمل كلامه بقول : أنت ! لا أعرفك ! كيف تقول بأنّنا أصدِقاء !

صدم الآخر من مَوقف إيفان وأخذ يلوّح بكلتَا يديه بعشوَائية في الهَواء وينطِق : إيفان ! أنا بَاتر صدِقك ! فقط ...
لا يُمكنك نسيَاني هَكذا ! حتّى أنني سَميت إحدى قططي باسمك ! كيف يُمكنك فِعل ذلك ؟!

هذه القصة بلا عنوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن