الفصل السادس

187 17 2
                                    

كلبشات دموية
"الشَّنطة"
ـــــــــــــــــــــــــــ

نظرت صبا لوالدتها التي دلفت الحجرة بملامح مقطبة جامدة، سرعان ما انبسطت وانفرجت فور أن رأتها، اقتربت حور من ابنتها وهي تتنفس الصعداء قائلة: أخيرًا جيتي، أنا بحسبك كل ده مع صاحبتك، وبعدين مش بتردي على تليفوناتي ليه يا صبا قلقتيني عليكي.

قالتها حور وهي تسحب صبا تحتضنها بحب واطمئنان، فتنفست صبا صعداءها تحاول الهدوء وموازنة ضربات قلبها المضطربة ونفسها المتوترة، تخاف أن تكتشف والدتها ما كانت تفكر فيه أو ما فعلته اليوم، فأكثر ما يعكر صفو حياتها هو فهم والدتها لها حتى أكثر من نفسها.

ابتعدت حور عنها قليلًا وهي تحيط بجانب وجهها الصغير متسائلة بحنو: مالك وشك أصفر كده ليه، أكيد من كتر ما لفيتي أنتي وصحبتك، وتلاقيكي مكلتيش حاجة من الصبح.

استدارت عن والدتها متجهة إلى دولابها، جذبت ملابس نومها وهي تقول: لاء يا ماما أكلنا في مطعم، متقلقيش أنا كويسة.

راقبت حور ابنتها تدور بعينيها فوق جسدها لثوانٍ، قبل أن تبتسم وعيناها تلتمعان بفرحة، اقتربت منها ثم كوّبت وجه صغيرتها بين كفيها، وصبا تنظر لوالدتها بهدوء حتى قالت حور بحب: بتكبري يا صبايا، بقيتي عروسة خلاص وأنا لسه امبارح كنت بلبسك فستانك الأبيض عشان عيد ميلادك الأول، معقولة 18 سنة عدو وأنا شيفاكي قدامي بنت جميلة وناضجة وتخطف العيون والقلوب.

أسبلت صبا جفنيها ببعض التوتر ثم رفعت عينيها لأمها تتساءل بخفوت: بجد أنا حلوة؟

انفرجت أسارير حور هاتفة بتأكيد وهي تمرر كفيها على كتفي صبا: طبعًا، مش شايفة حلاوتك، الله أكبر عليكي ربنا يحميكي، ده أنتي أجمل بنت أنا شوفتها في حياتي.

ارتسمت ابتسامة صغيرة خجولة فوق ثغر الصغيرة، تلك كانت من المرات النادرة التي تبتسم بها في وجه والدتها الحنونة، لكن الآن ازدادت فرحتها بذلك الإطراء وهي ترى أمها تؤكد لها جمالها وجاذبيتها، تؤكد لها بأنها ستخطف عقول وقلوب الشباب، لكنها لا تريد قلوبهم، قلب واحد فقط يكفيها وتريده، وستحصل عليه في القريب العاجل.

تحدثت حور مجددًا وهي تمسح فوق رأس صغيرتها: يلا البسي حاجة حلوة كده وتعالي أما أعرفك على ضيوفنا.

- ضيوفنا؟

- آه دي عمتي، معرفش من أنهي اتجاه بس اتضح إنها عمتي بجد، موضوع طويل عريض هحكهولك واحنا نازلين بس المهم دلوقتي تخلصي بسرعة وتنزلي عشان تسلمي عليها، ماشي يا حبيبتي.

أماءت لها صبا بهدوء فرحلت حور وتركت الأخرى تنظر أمامها بشرود.

~~~~~

ترجلت السلم بعد أن ارتدت منامةً رياضيةً سوداء، وغطت رأسها بقبعتها الخاصة واضعة كفيها بجيبي معطف المنامة، تتجه نحو الجمع الجالس في بهو القصر بخطواتها اللامبالية المعتادة، لكن لم تُخفَ دهشتها وهي تنظر لتلك السيدة التي تتوسط الأريكة المنتصفة للبهو، بثيابها السود الغريبة وحُليها الذهبي المبالغ فيه، وعلى جانبيها جلست أمها وخالتها التي نظرت لها فور نزولها مبتسمة بحب تشير لها بالاقتراب.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن