الفصل الثامن والعشرون

169 19 13
                                    

كلبشات دموية
"جُرم الحب"
ــــــــــــــــــــــــــ

رفع القماشة من الصحن المليء بالماء البارد وهو يعتصرها بكفيه، ثم اقترب من مضجعها ليفردها فوق عنقها الملتهب من شدة حرارة جسدها، كان يعلم من والدته بطريقة الكمادات الصحيحة والتي توضع فيها القماشة عند العنق وليس فوق الجبين كما هو خطأ شائع؛ لوجود الغدد...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رفع القماشة من الصحن المليء بالماء البارد وهو يعتصرها بكفيه، ثم اقترب من مضجعها ليفردها فوق عنقها الملتهب من شدة حرارة جسدها، كان يعلم من والدته بطريقة الكمادات الصحيحة والتي توضع فيها القماشة عند العنق وليس فوق الجبين كما هو خطأ شائع؛ لوجود الغدد المسئولة عن حرارة الجسد عند العنق، مسح بكفه الرطبة فوق وجنتيها وجبينها يحاول تبريد سخونتهم وهو يزفر بقلق يتآكله عليها، يذكر حينما جاء منذ ما يقارب الساعة يدلف حجرتها بقلب وجل ليجدها تجلس أرضًا مستندة برأسها فوق طرف الفراش تهذي بكلمات غير مفهومة وقد هزمها الإعياء، حملها ليضعها فوق فراشها ثم أحضر إليها الطبيبة التي أعطته بعض الأدوية ليناولها إياها مع استمرار الكمادات التي جلس بجوارها يمارسها ويجس حرارتها كل عدة دقائق.

لمس ذلك الألبوم فوق فخذه والذي كان يحتوي على العديد من الصور لها ولوالدها ولامرأة أخرى تأكد من أنها والدتها لشدة الشبه بينهما، والذي وجده فوق الأريكة المجاورة لفراشها مفتوحًا على مجموعة من الصور أخذ يقلب فيها ويتأملها بعينين تزداد نظراتها حبًّا وشغفًا، يرى صورة لصغيرة زاحفة فوق قوائمها بجسد شبه عارٍ وثغرها منفرج عن ضحكة خطفت دقاته دون رحمة، ثم صورة لصبية قصيرة تتقافز بين يدي والدها وعيناها تنطقان بكل معاني الشقاوة والدلال، ثم يأتي بصورة لشابة فاتنة اختزلت كل معاني الرقة والجمال في محياها الناعم، وذلك المئزر الأسود للمحاماة يحتضن جسدها الملتف بإغراء، سنوات من عمرها كانت تمر أمام عينيه وهو ينظر للصور تارة ثم يعود ليتأمل ملامحها الراقدة أمامه تارة أخرى، تلك الصغيرة التي لم تتغير أو تفقد بهاءها الخاطف الذي وُلد معها وكبر مع عمرها.

تنهد بتعب يفتح أول أزرار قميصه شاعرًا بالاختناق وبالكثير من الهموم تجثم فوق صدره، فأتى مرضها الذي زاده ألمًا فوق ألمه ليترك الدنيا خلفه وهو يسهر ليله جوارها يتابع حرارتها، ويستمع لهمهماتها الخافتة وهي تنادي أباها تارة، وأمها تارة، وتناديه تارة أخرى، وجد دموعها تسيل فوق صدغها فاقترب ليغتالها ببنانه مزيحًا الألبوم جانبًا، مال ليستند بجبينه فوق وسادتها ليكون قريبًا من وجهها، وبكفه يشد غطاءها حتى أسفل عنقها يقيها بردًا أرجف جسدها وجسده الذي كان محمومًا دون مرض.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن