الفصل الثامن

177 14 3
                                    

كلبشات دموية
"عاشقة الورد"
ــــــــــــــــــــــــــــ

كانت تتحامل بجسدها فوق كفيها وهي ترتفع وتهبط فوق الأرض، يخرج نهاتها بوضوح والعرق يتصبب من جبينها وصدرها من ذلك الزي الرياضي الذي ترتديه، والمكوّن من بنطال ضيق مطاطيّ وكنزة بحمالات عريضة، أما هو فجلس بجانبها القرفصاء، يَعدُّ بالتسلسل في كل مرة تصعد وتهبط بها.

ضرب براء كفيه ببعضهما البعض وهو يهتف بحماس: الله عليكي يا حور ده ايه الجمال ده، يلا واحد وعشرين.. اتنين وعشرين.. تلاتة وعشرين...

همست حور وهي تضغط فوق أسنانها بغيظ: يا أخي تلاتة وعشرين عفريت لما يتنططوا قدامك، أنا كان مالي ومال الشغلانة السودة دي.

مال برأسه عليها ليقول: يا حبيبتي بطلي كسل، ده هما تلاتة وعشرين ضغط لعبتيهم وبتموتي مني أومال لو جريتي على المشّاية هتعملي ايه، وبعدين ده الرياضة بتقوي عضلة القلب.

رفعت وجهها إليه فجأة فارتدت رأسه للخلف سريعًا، اعتدلت تجلس فوق ركبتيها لتهتف فيه: وأنت خليت فيا قلب عشان أقوّي عضلاته؟ ده أنا واحدة عندي القلب أصلًا يا مفتري وبسببك، جاي عشان تكمل على شوية الصحة اللي ممشية بيهم نفسي.

- ايه يا حور أنتي ليه محسساني إنك كَهولة رجلك والقبر، دول هما 45 سنة وتلات شهور يعني عز الشباب.

- أيوه أنا واحدة عندي 45 سنة يعني كلها خمس سنين وأركّب طقم سنان.

- طب والله ما باين عليكي وفيكي صحة عني، وشكلك كده بتستموتي قصدًا عشان تغزي العين، طب ايه رأيك بقا لا ننزل من بكره الچيم وهشيّلك حديد وأخليكي تعملي سيكس باكس.

طالعته بنظرات متهكمة وهي تعتدل بجلستها تستند لحائط غرفة الألعاب التي يلعبون بها، ثم هتفت وهي تلملم خصلاتها المتناثرة خلف عنقها: عشم إبليس في الجنة، قال چيم قال، أقولك على حاجة روح مع السكرتيرة.

اقترب منها يستند إلى الحائط بجوارها، ثم مسح خصلاته الرطبة ليقول بمشاكسة: طب مش عيب على شعري الأبيض ده ويشوفوني مع واحدة قد بناتي في الچيم، يقولوا عليا ايه الناس، وبعدين مش خايفة أوقعها في حبي وأتجوزها إكمني لسه بحلاوتي يعني.

نظرت له في صمت حتى أكمل بتأكيد: طب بحق الله، يا شيخة بحق الله، تنكري إن شوية التجاعيد اللي حوالين عيني دول زودوني وسامة؟

لمعت عيناها وهي تنظر له، وشبح ابتسامة يأخذ موضعه متربِّعًا عند شفتيها، تتأمله كما أول مرة كانت تتأمله فيها، منذ أن كانت مجرد سكرتيرة له في شركته، منذ أن تقابلا في ذلك المصعد الذي شهد كل لقاءاتهما، أول لقاء، ولقاء العودة بعد الفراق، لطالما كانت حياتهما مثل ذلك المصعد على متن الصعود والهبوط، بين السماء والأرض ولا خلاص فيها، حتى انتقلت من مكان السكرتيرة إلى مكان الزوجة، إلى الحب الذي أوجعهما لسنوات، نفس النظرات وحديث العيون الصامت، نفس شعور الأنفاس وهي تلفح الوجوه المحمرة بالشهوة، نفس المشاعر ودقات القلب المتطايرة كعصافير مغردة بألحان غراميّة.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن