الفصل الثلاثون

164 20 11
                                    

كلبشات دموية
"غريمي"
ــــــــــــــــــــــــــــ

جلسا متقابلين في ذلك المطعم الراقي الذي صدحت منه الموسيقى الناعمة تريح الأعصاب والنفس، شبك أصابعه فوق الطاولة أمامه يطالعها بابتسامة شغوفة، بينما كانت هي تنظر إلى أرجاء المطعم بملامح مسترخية لا تنتبه -أو هكذا تظاهرت- لنظراته التي تنفذ إلى دواخلها، لكن حينما طال الصمت المربك وطالت نظراته اضطرت أن تحيد لتواجه عينيه، ابتسم لها ليقول وهو يميل قليلًا للأمام مستندًا فوق السطح الزجاجي للطاولة: أنا كلمت سيادة اللوا وحددنا معاد عشان أجي مع أهلي بكرة بإذن الله.

- تشرفوا أكيد.

- تعرفي إن ماما حبتك جدًّا لما كلمتها عنك، أنا حتى وريتها صورتك وبقت تتغزل في اختياري.

ابتسمت بخجل لتخفض وجهها قائلة باحترام: ده من ذوقها، أنا اللي هتبسط أوي لما أقابلها.

مد كفه لجيب سترته يخرج علبةً من المخمل الأحمر، ثم مدها إليها قائلًا بصوته الدافئ: دي هدية بسيطة مني.

التقطت العلبة تنظر إليها بحيرة حتى فتحتها لتطالع خاتمًا فضيًّا ذا فصوص رقيقة لامعة، ضمت شفتيها معًا لتنظر إليه قائلة: ليه بس تكلف نفسك يا عماد، مكانش ليها لزوم.

ابتسم بحب ليهتف بلهجة صادقة: تكلفة ايه يا رؤى دي مش من مقامك أبدًا، أنتي تستاهلي تتقلي بالألماس لأنك غالية أوي، اعتبريها أول هدية بينا.

ابتسمت إليه بامتنان لتقول برقة: ميرسي يا عماد هديتك غالية أوي عندي، وذوقك كمان جميل، تسلملي يارب.

اتسعت ابتسامته سعادة بكلماتها ثم مد كفه إلى العلبة قائلًا: تسمحيلي؟

أعطته إياها ليلتقط الخاتم بين بنانه، ثم أمسك كفها النائمة برقة فوق الطاولة يلبسها الخاتم الذي برق برونق جذاب في بنصرها، ظل محتفظًا بكفها يطالعها بحب فابتسمت بتوتر وهي تسحب كفها منه تنظر للخاتم مبدية إعجابها به.

تنحنح عماد ليقول مشيرًا لطبقها: انتي مش بتاكلي ليه، تحبي أطلبلك حاجة تانية؟

- لا أبدًا أنا بس شبعت.

ثم نهضت مستأذنة: عن إذنك هروح التويلت.

أماء وهو ينهض بدوره حتى استدارت راحلة ليعود موضعه ونظراته تتبعها بحب.

وقفت أمام المرآة بداخل الحمام النسائي تمسح بكفها الحرة فوق وجهها ترطب من حرارته، أغلقت الصنبور المتدفق بغزارة ثم أخفضت بصرها للخاتم الذي يزين بنصرها، والذي كان له بريق محبب لم تشعر به لانطفاء روحها من الداخل، شعرت بشيء يسيل فوق وجنتها فرفعت وجهها تقابل انعكاسها بداخل المرآة، تقطب جبينها وهي ترى تلك الدمعة التي فرت هربًا من أسرها.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن