الفصل الثالث عشر

201 12 7
                                    

كلبشات دموية
"غزالة بين براثن الذئب"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رصّت غادة أطباق الغداء فوق الطاولة، بينما كان يجلس حسني فوق مقعده ينظر في هاتفه متصفِّحًا بعض الأخبار المنشورة على موقع "فيس بوك" يعقد حاجبيه بضيق من تلك الأحداث التي يقرؤها.

تأفف بنزق وهي يغلق الهاتف ويزيحه بعيدًا ليردف باستنكار: هو ايه القرف اللي على الصبح ده بس، فضايح في كل حتة ومين قتل مين، ومين اعتدى على مين ومين حرق مين، والناس واقفة تصور وبس، ده زمن ايه الأسود ده ياربي.

رفع عينيه لغادة التي كانت تسكب الطعام بشرود، تفرّس في ملامحها يتابع تلك الابتسامة الشاردة التي تظهر فوق شفتيها لثوانٍ ثم تختفي، استند بذراعيه فوق الطاولة ليتساءل بتعجب: أنتي مش معايا خالص يا غادة.

تنبّهت غادة لوالدها ولنظراته، فتنحنحت بتوتر لتقول وهي تجلس بجواره: آسفة يا بابا سرحت شوية.

- أعرف بقا سرحتي في ايه.

قالها بابتسامة ماكرة وهي يعود ويقترب بنظراته منها، تحاشت غادة نظرات والدها التي ستفضحها بسهولة لتقول وهي تلتقط أحد أرغفة الخبز: أبدًا يا بابا قضية وكنت بفكر فيها كدة، أنت عارفها قضية أستاذ فريد الديوي اللي حكيتلك عنها.

- ده اللي قابلتيه الصبح تديله أوراق القضية؟

- آه هو.

صمت حسني يراقب حركة كف ابنته المتوترة، جالت بذاكرته كلمات زوجته رحمها الله في لحظة صفاء بينهما، وهي تخبره بأن الفتاة إذا انشغل بالها بأحدهم شردت وتوترت وتحدثت بكل ما هو غير منطقي، حاول تصديق كلمات ابنته عن تفكيرها بالقضية لكنه كان يتمنى بكل حماس لو كانت تلك القضية هي قضية غراميّة.

يثق بابنته، ويتمنى لو يثق بالقدر في تحقيق ما تمناه بإيجاد من يضمها إليه بدلًا منه.

حاولت غادة بلع الطعام لكنها لم تستطع من نظرات والدها، ومن عينين أخريين تجولان أمام نظرها تؤرقانها وتقلقانها، فمنذ أن قابلته صباح اليوم في ذلك المطعم وهي لم تعد تعرف ما تشعر به، شيء بداخلها يخبرها بحدوث خطب غريب سيغير حياتها، وشيء يجذبها بقوة غامضة ناحية تلك العينين غريبتي اللون والنظرات.

نظراته، الآن لم تعد تعرف معنىً لنظراته، ولم تعد تستطيع تفسير شعور قلبها لحظة تلامس كفيهما في السلام، أَكان حقًّا سلامًا أم كان حربًا شُنَّت على مشاعرها بقوة ضارية؟

- غادة !

توسعت عيناها حينما اكتشفت شرودها من جديد، ابتلعت لعابها بصعوبة وهي تنظر لوالدها ترد: أيوه يا بابا.

ابتسم حسني يتساءل بهدوء: مش ناوية تقوليلي بقا إن فيه حاجة اتغيرت جواكي، أعجبتي بحد مثلًا أو حد أخد تفكيرك، ومش عايز ردودك المستفزة بتاعت كل مرة أنا بقولك أهو.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن