الفصل السادس عشر

181 19 4
                                    

كلبشات دموية
"قضية عشقية"
ــــــــــــــــــــــــــ

استدار متجهًا إلى باب الغرفة ليفر من أمامها، لكنه تصنّم حينما وجده منفتحًا وبراء يقف أمامه ممسكًا بقبضة الباب، ينظر لهما بعينين متسعتين وملامح متصلبة بصدمة.

اتسعت عينا زيدان بصدمة وهو ينظر له، وحبس أنفاسه اضطرابًا من نظراته القاسية التي وجهها ناحيته هو ومن ترقد خلفه.

كانت لا تزال تخفي وجهها بين كفيها تبكي بشهقات موجعة، رفعت عينيها ببطء تنظر أمامها فاصطدمت بوالدها يقف وهو يطالعها بعينين خاويتين، شهقت بقوة وهي تضع كفها فوق فمها برعب لتهمس بارتعاش: بابا !

مرر براء نظراته فوقها بعينين حمراوين، وكأن خيوطًا من الدماء تجمعت حول عينيه كما برزت عروق عنقه وجبينه، راقب زيدان تلك الحالة الخطيرة التي أصبح فيها والدها، وراقب أنفاسه التي ازدادت شراسةً فخشى عليه مِمَّا سمعه، لم يتمنَّ قط أن يوضع شخص كبراء الذي يعتبره أبًا حقيقيًّا له في هذا الموقف وبسبب ابنته الحمقاء ناقصة العقل.

اقترب منه بحذر يحاول أن يحدثه: عمي لو سمحت، ممكن تسمعني.

لم يحِد براء بعينيه عن ابنته التي انهمرت دموعها بقوة فوق وجنتيها وهي تنكس رأسها بخزي، فلن تستطيع النظر في عيني والدها من جديد بعد ما فعلته به، بعدما طعنته بسكين حاد في ظهره.

خرج صوته هادئًا يشبه الهمس لكنه كان يضمر الرعب بين طياته: أخرج برا.

رفعت رأسها بسرعة ترمق أباها بخوف، بينما نظر زيدان لبراء محاولًا التحدث لكنه لم يجد كلمات تسعفه في ذلك الموقف، فلم تترك له هي مجالًا للدفاع عنها بعد ما اقترفته من ذنب عظيم.

أدار وجهه ينظر لها بنظرة مستاءة، ثم تراجع ليمرق من جانب براء حتى خرج، لكنه أمسك بذراع براء وهو يميل عليه متحدثًا: عمي لو سمحت اهدى، أنا عملت كل ده علشانك وعلشانها، مكنش ينفع موضوع زي ده يتعرف عشان سمعتكم.

- متشكر يا زيدان، أخرج وخد الباب في إيدك.

قالها بجمود وهو يدلف للداخل فانكمشت صبا على نفسها وهي تنظر لوالدها بتوتر، شعر زيدان بعدم الرغبة في الخروج من هنا، وبخوف تملكه من مظهر والدها الذي ينبئ بعاصفة قوية ستطيح بتلك الخرقاء بقسوة، لكنه لم يستطع مخالفة الحقيقة التي تقر بعدم أحقيّته في التدخل بينهما، فأمسك بالمقبض ينظر لها نظرةً أخيرةً ليغلق الباب، ثم وقف مستندًا بظهره عليه رافضًا الابتعاد أكثر من ذلك.

رآى حور تسير في الرواق مقتربة منه بخطوات متعجلة، طالعته باستغراب قبل أن تقول مبستمة ابتسامة باهتة: أنت لسه هنا يا زيدان؟ الوقت اتأخر وكان المفروض تروّح عشان ترتاح وتاخد علاجك.

كلبشات دموية (الجزء الثالث من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن