الفصل الواحد والعشرون

547 20 9
                                    


"ما الذي كنت تود قوله يا خاطر؟ هل توصلت لإقناع كلا من ابني وحفيدة عبد المهيمن بهذه السرعة؟"

نطقت نعمات بهذا السؤال بكل دهشة ممتزجة ببعض اللهفة و اللوعة و هي جالسة في كرسيها بغرفتها و أمامها عبد المهيمن ينظر تجاه خاطر بعينيه الغير مبصرتين وعلى الرغم من أنه كان أكثر اتزانا من نعمات الا أن اللهفة كانت ظاهرة كذلك في العينين الغائمتين منتظرا بشوق

مما جعل خاطر يشعر بغصة تؤلم حلقه وهو ينقل عينيه الجامدتين بين زوجي الأعين الشاخصتين اليه و كأن الأمل في المتبقي من الحياة بين يديه هو

أخذ نفسا عميقا وهو يحاول أن يبدأ اتخذ القرار بشأن قوله دون رجعة لكن وقبل أن ينطق تعالى رنين الهاتف الأرضي الداخلي الموجود في غرفة نعمات فالتفتت نعمات الى الهاتف ثم أشارت إليه قائلة

"تعال و أجب يا خاطر لترى ماذا يريدون قدماي متعبتان للغاية"

"اقترب خاطر من الهاتف ليلتقط السماعة مجيبا بجمود لكن وخلال لحظتين ارتفع حاجبيه ببطء و اتسعت عيناه قبل أن يرد قائلا بصدمة

حسنا سأخبرهما شكرا"

ثم وضع السماعة ونظر الى نعمات و عبد المهيمن قائلا بصوت خفيض غير مصدق

"يقولون أن هناك شابة سألت عن الأستاذ عبد المهيمن للتو فأخبروها عن وجوده في غرفتك يا نعمات و هي في طريقها الى هنا الآن"

شهقت نعمات و هي تضع كفيها المتعرقتين على فمها بينما اتسعت عينا عبد المهيمن بصدمة وهو يردد

"حفيدتي! حفيدتي أتت بالفعل؟"

مالت نعمات على الرغم من تعب ظهرها و أمسكت بكفي عبد المهيمن بين يديها تشد عليهما بقوة وهي تضحك بسعادة هامسة

"ألم أقل لك يا عبد المهيمن أن خاطر سيحلها! سترى حفيدتك و هي ستكون السبب في حضور الأبناء واحدا خلف الآخر إن شاء الله"

كان فم عبد المهيمن فاغرا وهو يومئ برأسه غير مصدقا بعد بعينين واسعتين حمراوين ناظرتين للبعيد

بينما التفتت نعمات الى خاطر و هتفت برقة و لهفة

"اخرج یا خاطر يا حبيبي و استقبلها و أدخلها بنفسك بارك الله فيك يا حبيبي يا قرة عيني, بارك الله فيك"

تحركت الساقين الأنثويتين بتناسق تسيران في الممر الطويل بتهاد وكأنهما تتمشيان فوق شاطئ دافئ

تتقاطعان نعومة مع كل خطوة و العينان تنظران الى الغرفة في آخر الممر كهدف محدد

الى أن أبصرتا شابا طويلا يخرج من باب تلك الغرفة, فتوقفت القدمان فجأة وانفتحت الشفتين الجميلتين للحظة في شبه ابتسامة قبل أن تعاود الساقان التقدم بتمهل أكبر

الى أن رفع الشاب عينيه الخضراوين وأبصرها آتية من بعيد

مجرد أن خرج خاطر من باب غرفة نعمات و نظر الى بداية الممر الطويل حتى توقف وتسمرت عيناه على تلك المخلوقة التي تتهادى بتمهل من بعيد

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن