الفصل الخامس والثلاثون

552 20 1
                                    


دخل قاسم الى شقته ثم صفق الباب راميا مفاتيحه جانبا ..... لم يهتم حتى بإخراج حقيبة ملابسه من السيارة بعد تسجيل خروجه من الفندق.. ببساطة لم يشعر بالرغبة في بذل أي مجهود. لأن النيران المندلعة بداخله منذ فترة كانت تستهلك منه كل قواه و تجعله على حافة الإصابة بالجنون تحديدا منذ طلاق درة

توقف قاسم عاقدا حاجبيه للحظات و أنفه تلتقط العطر النسائي الفج و الذي ملأ الشقة ... فأغمض عينيه يضغط على أسنانه شاعرا بالرغبة في قتل أحدهم في تلك اللحظة بيديه العاريتين فصرخ عاليا بصوت اهتزت له الجدران

"ناديييييييييييييين"

ساد صمت مهيب تبع صرخته الوحشية، قبل أن تعلو صوت خطوات بطيئة لحذاء ذو كعب عال و رأها تخرج من أحد الغرف متمايلة تنظر له من تحت جفنيها المثقلين بالأصباغ كشفتها الحمراء القانية بابتسامتها المتلاعبة .... ثم قالت بصوتها الأشبه بخرير القطط

"عرفت بوجودي قبل أن تراني... بماذا تسمي هذا يا قاسم؟! إن لم يكن هناك رابطا قويا بيننا"

وضع قاسم كفيه في خصره وهو يقول بصوت بارد بطيء بدا أكثر خطورة من صرخته

"أسميه عطرا ثقيلا لم أستسغه يوما ... وها أنت تقتحمين به شقتي من جديد دون اذن مني"

ارتفع حاجبها الرفيع و هي تهمس بصوت مثالي في ادعاء الشعور بالجرح

"كيف دون اذن منك؟ هل دخلت من تحت عقب الباب؟!"

مد قاسم يده مفرودة وهو يقول مهددا دون أن يرفع صوته بينما كانت نظراته مزدرية وهو يراقب ملابسها الضيقة و التي تجمع خامات متنوعة ما بين جينز ممزق و قماش لامع ملتصق بصدرها ... بخلاف شعرها الأحمر و الذي زادت درجة حمرته القانية عن آخر مرة رآها فيها

"هات مفتاح شقتي يا نادين و اخرجي من هنا"

أصدرت صوت أنين طويل من شفتيها الحمراوين المتكورتين ... ثم قالت متظاهرة بالحزن

"لم يكن هذا رد الفعل الذي انتظرته منك لدى رؤيتي أوجعت قلبي كما تفعل دائما"

صمتت للحظة قبل أن تقترب منه بخطواتها المتمايلة حتى وصلت اليه وواجته عينا لعين مع طولها الفارع و الذي زاده الكعب العالي ... ثم رفعت ذراعيها لتحيط بهما عنقه هامسة بنبرة مغوية

"اشتقت لك يا قاسم .... ألم تشتق لي؟!"

أبعد ذراعيها بالقوة مما جعلها تنتفض و كادت أن تسقط أرضا الا أنها تماسكت بينما هتف فيها بعنف

"هات المفتاح يا نادين و أخرجي من شقتي و لا تعودي مطلقا أو سأبلغ الشرطة في المرة القادمة"

لكنها لم تأبه ، بل عادت لتقترب منه مجددا قائلة بحاجب يماثل ابتسامتها خبثا

"يمكنني اعطائك المفتاح لكن لدي منه عدة نسخ فلماذا لم تغير قفل الباب؟!"

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن