الفصل السابع والثلاثون

634 23 7
                                    

أمسكت بخرقة ملونة صغيرة و أخذت تمسح بها بحرص شديد اللون الرصاصي أسفل الحدقة الخضراء وكأنها تقوم بتركيب فصا دقيقا من الألماس بخاتم يدوي الصنع. الابتسامة لا تغادر شفتيها المكتنزتين و هي تتأمل الحدقتين المتجهمتين ، ربما بالفطرة ... و ربما بعد سلسلة من الخذلان و التعب حانت منها التفاتة الى هاتفها الصامت فوق منضدة جانبية ... ثم أعادت عينيها الى اللوحة

بابتسامة أكبر ثم همست مدندنة و كأنها تغني لحنا بصوتها الشجي لا مجرد كلمات

"تعرف أنك تتحرق للاتصال ... ما الذي يمنعك حتى الآن؟! هل تمنعك الكبرياء أم أنها صنعة الثقل كما يقولون؟!"

صمتت لتصفر لحنا ناعما و تمسك بقطعة فحم سوداء أخذت تحدد بها قساوة الشفتين .... ثم همست متسلية

"توشك على اختراق خصوصيتي و معرفة من يخصه هذا الرقم ... فهل تقنعني أنك صاحب أخلاق فريدة منعتك من المعرفة؟! ... أم تراك عرفت بالفعل؟!"

أفلتت من بين شفتيها ضحكة ناعمة و هي تمد اصبعها لتمسح به الشفة القاسية بدنا من زاويتها مرورا بها ... ببطء شديد ... مائلة برأسها تتأمل

تلك الملامح المجهدة، ... جهدها يزيدها خشونة لاضعفا ... فقدت ابتسامتها بالتدريج و هي تنظر الى الهاتف مجددا ثم قالت ببرود

"لن تخدعني ... تريد الكلام ومعرفة من أكون ... لقد بحثت عن رقمي و عرفتني، هذا ما أنا متأكدة منه"

زفرت نفسا بطيئا دون صوت بينما كانت نظرات عينيها باردة جدا ... لكنها أجفلت حين سمعت طرقا على باب غرفتها ، فقالت بهدوء

"ادخل"

فتح باب الغرفة جزئيا ثم أطل منه وجه عامر وهو يقول مبتسما برفق

"هل يمكنني الدخول؟"

أجابته مبتسمة ابتسامة هادئة لا تنم عن شيء

"طلبت منك الدخول ... تفضل"

دخل عامر للغرفة ببطء فتوقفت عيناه على اللوحة التي ترسمها مما جعل يرفع حاجبه قليلا، الا أنه تقدم حتى جلس على المقعد الوثير في الغرفة ثم قال بلطف

"أنا سعيد أنك عدت للرسم من جديد"

لم تتغير ابتسامتها ... لم تزد و لم تختفي ... و لم تطأها الحرارة لكنها قالت ببساطة

"شكرا يا عامر"

مال بوجهه يراقب اللوحة ثم مط شفتيه قائلا بإعجاب حقيقي

"ممتازة ... لطالما كنت موهوبة يا شغف"

ظلت بنفس الملامح والابتسامة التي تجعلها أشبه بدمية عرض في إحدى واجهات المتاجر فقال متابعا يشجعها على الكلام

"عرفت أنك بت تخرجين مؤخرا ... لقد أسعدني هذا جدا يا شغف، أنت تعودين للحياة تدريجيا وهذا رائع"

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن