"كيف يا أمي كيف له أن يكون بمثل هذا الغباء؟! .... اقنعيني بالله عليك ، لا ... لن يمكنك اقناعي و لا يوجد منطق في العالم يمكنه اقناعي"
جلست رجاء فوق الأريكة القديمة ذات الغطاء المزركش المهترئ و هي تتأمل ابنتها التي كانت تدور في البيت بجنون .... تصرخ و تكلم نفسها، والنظرات النارية في عينيها قد تخيف من ينظر اليها في تلك اللحظة.. أما رجاء فكانت ملامحها جامدة هادئة ثم قالت ببطء
"اهدئي يا نسيبة، هذه الاندفاعة التي تنتابك كلما خالفت الأمور ارادتك قد تفقدك الكثير ... اهدئي وفكري بالعقل"
توقفت نسيبة مكانها وهي تستدير منتفضة حتى هاج شعرها من حولها يشاركها الفوضى
"أي عقل يا أمي... أي عقل؟! .. هل يعقل أن يتخلى شخص يمتلك ذرة عقل عن الدخل الذي يجنيه ساهر لأسباب عاطفية و اعتبارات نفسية؟!"
زمت رجاء شفتيها و هي تضع كفا فوق أخرى ثم قالت بصوت مكتوم
"هذا حسد بالطبع.. منذ عودته و أعين كل أهل المنطقة تكاد أن تخترقكما.. لا تفسير آخر لكرهه المفاجئ لمصدر رزقه الا هذا"
هزت نسيبة اصبعها نفيا و هي تقول بعنف
"لا لا لا... الموضوع ليس حسدا، هو غير مرتاح في هذا العمل، لكنه لم يجرؤ قبلا على مجرد التفكير في تركه لأنه يعلم أنني سأغضب.... لكن الآن بعد أن أمسك لي ذلة الشقة، يستطيع أن يملي شروطه وهو يعرف أنني لن أملك القدرة على الاعتراض خاصة بعد أن استسلم في موضوع الشقة... انه يقوم بلي ذراعي يا أمي و أنا غير قادرة على المقاومة"
رفعت أمها ذقنها بعد فترة من الصمت المشحون و كلا منهما تنظر للأخرى ، ثم قالت أخيرا بحزم
"ولن تقاومي أكثر... حكمي عقلك الذي دائما ما تجيدين استخدامه يا نسيبة و لا تقفي بصلابة في مواجهة ريح عاتية.. ساهر الآن يحمل ضدك بعض الغضب المكتوم، لا تزيدي من الضغط كي لا ينفجر..
حينها تخسرين كل شيء"عقدت نسيبة حاجبيها وسألتها بعصبية
"ماذا تقصدين بالخسارة يا أمي؟!... أن يتخلى عني ساهر بعد كل هذه السنوات مثلا؟!... بالتأكيد هذا افتراض يدعو للسخرية، حين خيرته بالانفصال لم تكد تمر بضعة ساعات حتى أتاني جريا بلهفة كما رأيت.. ساهر لن يتخلى عني لأي سبب كان ، لكنه فقط يريد مقايضتي.. تنازل مرة و يريد مني التنازل هذه المرة"
زمت أمها شفتيها قبل أن تقول محذرة
"لا تكوني واثقة كل هذا القدر يا نسيبة حد الغرور الواصل لدرجة الغباء.. أدرك جيدا أن عشق ساهر لك يفوق كل اعتبار لكنك تتعامين عن رؤية حقيقة الوضع الآن .... الآن يا نسيبة أصبح ساهر مطمع للكثيرات، كلا منهن ستنتهز فرصة حدوث أي صدع بينكما كي تغزل شباكها من حوله... و هو سيكون ضعيفا إن زدت الضغط عليه بمطالبك أكثر"
أنت تقرأ
رواية (ما حاك في القلب خاطر) للكاتبة: تميمة نبيل~
ChickLitأنا لست متشائمة .. لست سوداوية النظرة .. أنا فقط مؤمنة أن لكل انسان ثمن ... تشدقك المضني بأنك لست للبيع , لا يعني أن أخلاق الفرسان تتوجك بل أنت لم تجد العرض المناسب بعد , أو الأسوأ ..... أنك لم تتلقى عروضا من الأساس لذلك أنت غاضب تهتف بعباراتٍ لا تص...