الفصل الثاني والعشرون

639 17 16
                                    


داهمته العينان البنيتان الكبيرتان .. فأخفض عينيه الى الثغر المبتسم بجمال لم يره من قبل, بينما ملامحه كانت متجهمة و كأنه فقد القدرة على الابتسام

مد يده وكأنه يريد مخاطبتها الا أنها ضحكت دون صوت و استدارت عنه لتبتعد بخطوات متمهلة ففتح فمه و نادى خلفها بقلق

"انتظري"

الا أنها عادت و التفتت إليه وعيناها تبرقان بمزاح عابث بينما سحره منظر اصبعها الطويل فوق شفتيها المكتنزتين و هي تهمس آمرة بسلطنة

"هشش"

فقدت ملامحه بعضا من جفائها فرقت و ابتسمت شفتاه قليلا على الرغم من أن أن حاجبيه كانا منعقدين بشدة

فاستدارت مجددا و ابتعدت و مع كل خطوة كان التمهل يتحول بالتدريج الى هرولة, وهو خلفها يناديها دون أن يجد لها اسم و خطواتها تتسارع وتتسارع حتى بات يجري خلفها

أنفاسه تتسارع و المجهود يضغط صدره بقوة.. يناديها لاهثا و هي تسرع كجنية على وشك الاختفاء منه للأبد حينها انتابه الخوف من أن يفقد أثرها فأسرع من جريه يرتطم بأناس دون وجوه لا يعتذر و لا يأبه كونهم مطموسي المعالم

كل همه اللحاق بها و كأن حياته تعتمد عليها .... الى أن وصل إليها فمد يده بكل ما يمتلك من قوة و تمكن من القبض على ذراعها يديرها إليه ... فدارت بالفعل وكأنها راقصة باليه حتى دار فستانها الرقيق من حولها وارتفع عن ساقيها فاتسعت عيناه و تسارعت دقات قلبه بينما انتهت دورتها بأن سقطت عليه فتلقاها فوق صدره

أحاطها بذراعيه ورفعت وجهها إليه, مبتسمة بذاك الثغر الفاتن

كانت شديدة الهدوء وكأنها لم تكن تسابقه جريا للتو بينما كان هو يلهث بعنف حتى شعر بألم صدره يتزايد

لكن كل هذا لم يهمه . كل ما كان يشغل كل إحساسه في تلك اللحظة هي تلك الأنثى المجهولة المستكينة بين ذراعيه وتلك الفوضى الغريبة التي أثارتها بداخله كعاصفة هوجاء مباغتة.. أخفض وجهه تجاهها و قلبه ينبض بعنف و عيناه لا تريان سوى هذا الفم المبتسم المنتظر

"ابتعد يا خاطر، أنت تخنقني"

أفاق من سباته العميق على لكمة أصابت جانب فكه فانتفض مجفلا وهو يقول بدهشة

"انتظري"

عقد مكرم شقيقه حاجبيه بريبة في الظلام وهو يتلوى يحاول ابعاد خاطر عنه هاتفا

"لماذا تخاطبني بصيغة المؤنث"

رفع خاطر وجهه منتفضا يرى وزنه ساقطا فوق جسد شقيقه الذي يحاول ازاحته بكل قوته فهتف بصوت أجش وهو يستقيم جالسا بقوة ناظرا حوله

"تبا لهذا يا مكرم"

هتف مكرم متذمرا

"ماذا فعلت؟ أنت من وقعت فوقي و أيقظتني من نومي و استيقظت تخاطبني بصيغة المؤنث"

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن