(19) عرضٌ مُلغْم

1.5K 133 177
                                    


صلوا على الحبيب وادعوا لاخواتنا في غزة والسودان💔

ياريت نحط الفوت من دلوقتي عشان بيتنسي ❤️

______________________

انتهت من إعداد طعام الغداء، وبخفة وضعته فوق المائدة بشكل مرتب جميل يسر النظر، على الرغم من شعورها بالضيق والاختناق بسبب تحكمات زوجها الغير مبرره وطريقته الحافة معها دون أي أسباب مؤخرًا، وعلى الرغم من ذلك تحاول ترضيته بكل الطرق الممكنة..
وحين أصبح كل شيء جاهز، توجهت ببعض الأرهاق وهي تقاوم وهنها، نحو غرفة النوم كي توقظه من قيلولته ليتناول الغداء، استيقظ أخيرًا بعد عدة نداءات منها بنبرة متعبة..
فنهض من الفراش بوجه عابس وملامح ممتعضة انقبض لها قلبها ودون أي ردٍ أو تعقيب خرج لغرفة الطعام ليجلس على رأس المائدة بصمت..

- هو الأكل دِلع كدا ليه؟!
قالها أشرف بتوبيخ ممتعضًا وهو يمضع جزءٍا من طعامه، بينما زفرت نور بوضوح وهي تجاهد كي تتماسك وتحافظ على انفعالاتها، وبدون أي تعقيب قامت لتحضر بعض الملح وتوابل أخرى تعلم إنه يحبها، وعادت لتضعهم أمامه فوق الطاولة بجانب طبقه، ومثلما قامت جلست دون أي كلام، وسرعان ما عادت تنظر في طبقها ولم تنتبه لتحديقه بها بغضب و بأعين مشتعلة قبل أن يهتف باستهجان وبنبرة غليظة:
- ما ترميهم في وشي أحسن..

عليت الدهشة ملامحها وهي تطالعه بلسان معقود، حتى قالت باستغراب بصوت متخاذل :
- فيه إيه يا أشرف هو أنا عملت إيه يعني لكل دا؟

- لا معملتيش.. أصل مجنون أنا ودماغي تعبانة.
توقف لبرهة قبل أن يردف موبخًا باستنكار:
-مش هاين عليكي تعدلي أكلك وتحطي الملح في الطبق؟!

- ما أنا مش عارفة أنت عايز أد إيه، مرضتش أحط أحسن يطلع كتير..

- طب ما تسألي..

جدال عقيم ومناقشة محمومة مستفزة على لا شيء حرفيًا، لذا حاولت ان تنهي الأمر حفاظًا فقط على طاقتها من هذا الحديث العبثي..

- خلاص متزعلش حقك عليا..

لكن يبدو إنه لا يريد الانتهاء ولم يستكف بعد، فقبل أن تمسك بالملح لتضع منه اطاح به بجحود ثم استقام وهو يلقي بالمنشفة الخاصة بالطعام على الطاولة لتصيب طبق الحساء فانقلب، ثم هتف مجددًا يجنون:
- حتى الأكل مش عارفة تعمليه.. دي حاجة بقت تقرف

تصنمت ملامحها وظلت جامدة وهي تتابعه وهو يترك المائدة مغمغمًا بالمزيد من التوبيخ والعبارات القاسية، ثم حتى اختفى داخل غرفة النوم..

مسحت على وجهها وهي تغالب دموعها وانكسارها، وطالعت الطعام الذي وقفت لساعات تعده بحسرة وحزن، تحول الطعام لجمرات من نار موضوعة بأطباق أمامها أو سم خبيث لن تقوى حتى على تقريبه من شفتيها حتى لو كان الجوع ينهش معدتها ويضربها الإعياء، بالفعل تسممت وجبتها بل وشعرت إنها على وشك التقيؤ..
استنزفت الفتاة تمامًا في الأيام الماضية، تحديدًا منذ أن تعاونت مع أشرقت وقامت بإلغاء التوكيل لزوجها وكتابته لمحامٍ آخر حتى يعمل على القضية، في داخلها تعلم أن من حقه الغضب والشعور بالضيق جراء ذلك، وإنها إن كانت في مكانه كانت ستشعر بهذا الشعور، لذا تحملته، وتحملت قسوته وجفاءه لأيام عديدة، لكن الأمر وصل لدرجة غير محتملة بحق منذ أن علم بقرب براءة سليم، فلم يصل لمخيلتها للحظة بإنه كان ينتظر الادانة بدلًا من البراءة، كان ينتظر الإعدام بدلًا من الخروج المشرف وبدء حياة جديدة، لذا كانت ثورته عارمة بسبب أحقاده ومطامعه التي ذهبت أدراج الرياح، لتتفاجئ هي بإنه لم يتغافل عما سبق ويصفح ولم يشاركها فرحتها بنجاة أخيها من هذا الشرك بل استقبل الخبر بجحود وقسوة أكبر وغضب محموم صبّه فوق رأسها صبًا، والمسكينة أصبحت عاجزة حتى عن احتواء غضبه وتحفزه لأي خطأ منها..

شلّة آداب «سفير القتل» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن