ملقي بجسد واهن على الأرضية الصلبة ، بعينين نصف مفتوحتين و أنفاس متقطعة تُلفظ بصعوبة كمن أُدحم وجهه داخل كيس فطفق يتوسل الهواء ...
يشعر بدمائه تغلي وبعروقه تتآكل كأن هناك شيء غير الخنجر ينخره ... خنجر ؟
نعم، نيجار طعنته، هذه حقيقة وليس كابوسا ظن أنه عاشه عندما استيقظ منذ دقائق ليجد نفسه في الغرفة التي جمعته بها ...صدر من بين شفتيه المتصلبتين أنين خفيض تماهى حين لمح ألسنة من النار تتسلل تدريجيا وقد بدأت تحرق الشباك ! ثم تصاعد اللهب لينتقل إلى السقف فتراءت له من بين لفحاته صورتها ... وهي تبتسم له وتعانقه ... ثم أخرى وهي تخبره كم أنها تحبه ...
و أخيرا، صورتها وهي تغرز خنجرا في خاصرته، أو قلبه !!حينها فقط أسدل يده إلى جانب خصره المدموم، و سكنت حدقتاه الخاليتان من الروح وهو يلفظ أنفاسه المتبقية ملونا همسته الأخيرة بمرارة :
- نيجار.________________
قبل ساعات.
فور إنهاء مكالمته مع سيد عمله ورفيقه زفر بنزق ممتزج بالتوتر ثم خرج من غرفة العمل الملحقة بالسرايا وسار بخطوات مستعجلة مبرطما :
- انا مش عارف ايه اللي مخليه يحب بنت الشرقاوي ويتجنن عليها كده ! خايف يودي نفسه و يوديني معاه في داهية ربنا يستر.توقف فجأة عندما كاد يصطدم بشكل عرضي بالجدة حكمت فتراجع للخلف فورا مدمدما باِعتذار لتطالعه الأخرى بنظرات حسابية ضاعفت إحساسه بالاِرتباك تلتها كلماتها :
- انت مروح ع ملى وشك كده فين يا فاروق.تنحنح مفكرا بكذبة سريعة تنقذه منها الآن ثم أجابها :
- انا رايح اشوف الارض اللي هنبدأ نشتغل عليها لأن آدم بيه وصاني اطمن لو كان في حاجة ناقصة ولا لا.
- طيب حفيدي مش موجود دلوقتي تقدر ترتاح كام ساعة كده مش هتضر.اكفهرت ملامح فاروق بذهول وكاد يعارضها متحججا إلا أنها حسمت النقاش عندما تحركت بصرامة وتجاوزته متجهة إلى المطبخ السفلي وهي تردد بنبرة غير قابلة للجدال :
- تعالى ورايا.بعد لحظات كان يجلس على الطاولة أمامها يحدق في كل ركن بالمطبخ إلا بها هي ، بينما حدجته حكمت بجمود أحرق أعصابه أكثر حتى قالت موجهة حديثها للخادمة :
- جيبيله كوباية مياه يا أم محمود علشان يبل ريقه ويرجع لون وشه بعدين اطلعي برا.نفذت الأخرى أمر سيدتها سريعا وخرجت فساد الصمت بينهما حتى تمتم فاروق بإرتباك :
- حضرتك ممكن تسمحيلي اروح لو مفيش حاجة مهمة ؟- ليه انت عندك ايه تعمله انا بنفسي سمحتلك تاخد استراحة .. إلا لو عندك حاجة تانية ناوي تعملها علشان كده انت مستعجل.
تشدقت حكمت بدهاء معتاد منها ورشقته بنظرات تحذره من الكذب عليها، ثم اِستطردت :
- انا ملاحظة من فترة عليكم انت و آدم انكم مخططين تعملو حاجة من ورايا علشان كده مكنتوش بتسيبو بعض طول الاسبوعين اللي فاتو وامبارح سمعته بيكلمك وبيقولك تنجز المطلوب منك ومتخليش حد ياخد باله ... و على فكرة حكاية الارض اللي رايحلها دلوقتي انا عارفة انها كدبة ف يلا من غير كلام كتير قولي عايزين تعملو ايه.
أنت تقرأ
لـعـنـة الـخـطـيـئـة
Actionيقاس العشق بمدى الوفاء يقاس الفراق بمدى الألم ويقاس الغدر بمدى خيبة الأمل إذا ماذا لو إجتمعت هذه العوامل في قصة حب واحدة، وماذا لو كان رمادها ناتجا عن طعنة سكين سببت حريقا من نوع آخر ! هل سنسميها غلطة ؟ أم خطيئة لا يمكن التخلص من لعنتها ؟ رواية...