الفصل الخامس عشر : تهجم.

329 26 5
                                    


مرَّ أسبوع آخر كان فيه الجو مستقرا بعض الشيء داخل السرايا، لم يحدث أي احتكاك بين حكمت ونيجار التي عجزت عن إيجاد فرصة أخرى للتواصل مع إبن عمها وتنبيهه
أما آدم فكان مشغولا في بساتينه ينتظر أي نتيجة مفيدة من فاروق الذي كان يبحث خلف صفوان والشخص الذي يساعده.

في صباح يوم جديد كان أفراد العائلة متجمعين حول مائدة الفطور حينما دخلت الخادمة وبدأت بتوزيع الأطباق بعناية ونيجار تقف بعيدا نسبيا تنتظر أي أوامر قد تصدرها السيدة حكمت فهي لا تريد أن تكون غائبة فتضطر لسماع توبيخاتها.
وبالفعل نطقت هذه الأخيرة وهي تعتدل في جلستها بوقار :
- بخصوص العزيمة اللي عملناها لحريم كبار البلد امبارح في واحدة منهم طلبت مني اتوسطلها عندك عشان ولدها الكبير هو عايز يعمل مشروع مستقل وبعيد عن والده وبتسأل لو بيقدر يدخل في شراكة معاك ...

قطب حاجباه بتغضن هاتفا :
- مين ده وبعدين هو لو عايز يشتغل معايا مجاش بنفسه كلمني ليه من امتى الحريم بتتوسط عشان رجالتهم وولادهم.

- وانا قولتلها كده فعلا بس هي قالتلي ولدها مش عارف انها هتحكيلي هو فتح الموضوع معاها وكان متردد يجي يكلمك ... ده بيبقى سامح ولد الحج جمال.

- مش ده اللي كان بيدرس في المدينة وفتح محل هناك ؟

- ايوة نفسه ورجع من شهرين علشان يكمل شغله هنا انت ايه رأيك.
سألته حكت بجدية ليجيبها بلا مبالاة :
- هشوف لو جه لعندي وساعتها هفكر في الموضوع ... يلا انا هروح دلوقتي عندي شغل كتير ولازم الحق عليه.

نهض عن الطاولة ومرَّ على نيجار دون النظر إليها فأوقفته نيجار بتلقائية :
- استنى انا هجيبلك البالطو بتاعك.

حدجها آدم بغرابة لأنها علمت بأنه يريد الصعود للغرفة لإحضاره لكنه لم يهتم كثيرا بهذا وبعد لحظات عادت نيجار ومدت يديها تعطيه البالطو الخاص به فتنحنح وأخذه منها ثم غادر.
بينما نهضت ليلى آخذة مستلزماتها وخرجت هي أيضا كي تذهب لجامعتها وجدت محمد شقيق فاروق واقفا وعندما رآها فتح الباب مغمغما بجدية :
- اتفضلي.

شكرته ببضع كلمات ثم ركبت وأسندت رأسها على زجاج النافذة كان محمد صامتا طوال الطريق ولم ينظر لها قط عكسها هي التي كانت تطالعه بطرف عينها من حين لآخر وداخلها مليء بالمشاعر المتناقضة.
لقد جاء هذا الشاب منذ سنة وبدأ بالعمل كسائق لديها يأخذها صباحا ويعيدها مساءً دون التفوه بحرف واحد وهذا ما جعل الفضول يراودها ناحيته ودون شعور منها أصبحت تترقب موعد حضوره لربما تراه يتخلى عن القشرة الصلبة المحيطة به.

حمحمت ليلى محاولة منها لتبادل أطراف الحديث معه :
- كأن الجو حر النهارده أنا حاسة بسخونية كده.

انتظرت حتى يجيبها لكنها تفاجأت بمحمد يُنزل زجاج النافذة وهو يطالع الطريق أمامه فجزت على أسنانها بغيظ من بروده وحدثت نفسها :
- يعني ده اللي فهمه من الجو حر ده تلاجة ولا ايه. 

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن