الفصل التاسع : خير .. أم شر ؟

367 29 8
                                    

بعد مرور يومين وفي صباح يوم جديد.

إستيقظ آدم من غفوته بعد ليلة قضاها في التفكير ولم تنغلق عيناه إلا بعد الفجر، إغتسل وإرتدى قميصا واسعا باللون الأبيض مع بنطال أسود وأرفقه بحذاء جلدي ذو رقبة مرتفعة يصل لأسفل ركبته بقليل،  ثم عدّل مكان السلاح وأخفاه بسترته الخفيفة.
نزل للطابق السفلي ليجد الخادمة تضع اللمسات الأخيرة على طاولة الإفطار وعندما رأته إبتسمت بإحترام :
- صباح الخير يا آدم بيه.

هز رأسه مجيبا عليها :
- صباح النور يا ست أم محمود، ستي فين لسه مصحيتش ؟

- لا هي فايقة من ساعة الفجر اصلا بس يمكن الهانم الصغيرة قاعدة معاها عشان كده اتأخرت.

- ايه ده هي ليلى رجعت من عند عمتي ؟

في هذه اللحظة نزلت شقيقته مرددة بإبتسامة معاتبة :
- ايوة جيت امبارح ع اساس هلاقيك بتستقبلني بس انت اتأخرت برا وانا نمت من التعب.

وصلت له وعانقته بحب أخوي فبادلها إياه ببسمة غلبتها معالم الإمتعاض لأنه تعمد إرسالها منذ أسبوع لمنزل أخت والده (من ناحية الأب فقط) حتى لا تكون شاهدة على الأحداث التي تحصل في المنزل خاصة ماحدث من يومين لكنه لا يعلم لماذا عادت وهي من توسلته حتى يسمح لها بالسفر للمدينة.
سمع صوت خطوات مقترن مع صوت العكاز فرفع نظره ورأى جدته تنزل من على الدرج بثقة وشموخ وهنا ضغط على أسنانه بإقتضاب مدركا بأنها هي من جعلت أخته تعود.

إلا أنه لم يظهر مايفكر به وإبتعد عن ليلى قليلا مداعبا شعرها :
- في كام حاجة شاغلة بالي الأيام ديه عشان كده بتأخر برا البيت يلا اقعدي جمبي وافطري.

جلست حكمت على رأس الطاولة وبدأوا تناول الإفطار في جو يسوده الصمت حتى نطقت ليلى كمحاولة لكسره :
- امبارح وانا جاية لقيت زفة فرح في الشارع يا أبيه وكانت بتجنن طلبت من السواق يوقف عشان اتفرج اكتر بس مرضيش.

همهم متفاعلا معها :
- محمد عمل المطلوب منه انا مكلفه يوديكي ويجيبك من غير ما يضيع وقت في السكة.

زمت شفتها بعبوس وعلقت :
- بس انا بقالي زمان مشوفتش زفة هنا وحضرتك عارفني بحب الأجواء ديه.

في هذه اللحظة دخلت حكمت في الحوار وهي تردد بنبرة ذات معنى :
- غالبا هتشوفي زفة في البلد عن قريب وممكن تكون لواحد من العيلة ديه. 

ضرب آدم الكأس على سطح الطاولة بحزم أمام ليلى فشهقت بذهول وحماس :
- ايه ده بجد انت نويت تتجوز أخيرا يا ابيه ؟

كان وجهه متصلبا وعيناه ملتصقتان في الصحن أمامه ولو نظر لشقيقته الآن لهالتها النيران المشتعلة فيهما، رطب شفته السفلية ثم حمحم وهو ينتصب واقفا :
- صحا وهنا انا عندي شغل في المزرعة دلوقتي ولازم اروح هنبقى نتكلم بعدين.

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن