الفصل الثامن : خيارٌ آخر.

351 28 11
                                    


أحيانا نلقي بأنفسنا في هاوية الخطيئة فداءً لشخص ما، ثم وحين ننتظر منه تقديرا وحماية نتفاجأ بأنه قدَّمنا قُربانا لنفس الهاوية مرة أخرى !
( قبل سبعة أشهر.
على قمة التلة المطلة كان راكبا فوق حصانه يطالع من علوه الوادي الصغير في الأسفل والذي يمتد بعده طريق منعطف طويل وطفيف الإرتفاع تبعثرت على إمتداده الأبنية الريفية الأنيسة والواقعة في الجهة الشرقية من البلدة...
كانت الشمس قد غربت منذ بعض الوقت ولكن الطبيعة إحتفظت بمعالمها واضحة في كنف سماء الغروب اللطيف فصار بإمكانه تأملها وحطت عيناه على البحيرة التي تكاد لا تُرى بسبب الأشجار المظللة لها ولمعت فوقها عند السماء نجمة لامعة كالزجاج، كأنها مصباح هداية وبشارة. 

سمع فجأة صوت حوافر تقتحم خلوته وهي تدق بصلابة وسرعة في الأرض ليفهم أنها ناتجة عن ركض الحصان فإلتفَّ بإحتراز كي يرى صاحبه وهنا ...
وعلى ضوء الشفق المتغلغل في الأحراج لمح صاحبه الذي كان إمرأة تشد لجام فرسها راكضة بدون قيود في هذه المساحة الواسعة وبأقصى سرعة ممكنة على التلة، لم يكن يرى وجهها لأنها توليه ظهرها ولكن كان بوسعه مشاهدة شعرها متوسط الطول إلى الخلف بحرية لاقت بها.

تسمر مكانه متأملا إياها و وُدَّ حقا معرفة من تكون تلك الفتاة إلا أنه استفاق ونفض عنه هذه الأفكار مقررا العودة للمنزل وحين أعطى الإشارة لحصانه حتى ينطلق سمع صهيلا عاليا من الفرس تليه صرخة أنثوية نتج بعدها إختلال وزن الفتاة ففقدت تمسكها وسقطت على الأرض ، لم يفكر هو مرتين فإنطلق ناحيتها وقفز ببراعة مغمغما :
- سلامتك حصلك حاجة ؟

تأوهت تلك الواقعة وإستدارت تنظر إليه ليجدها تغطي وجهها بوشاح لم يظهر سوى جبينها وعينيها البنيتين فتنحنح مضيفا وهو يمد يده لها :
- جيبي إيدك.

ترددت في البداية وظهر هذا على تقطبية حاجبيها لكنها حسمت أمرها وتمسكت به لتقف أمامه هامسة :
- شكرا.

تجاوزته محاولة ركوب فرسها فتكلت بالفشل نتيجة لإصابة قدمها لتتأفف مبرطمة بضيق ويتنحنح هو بهدوء جلي :
- لو مش قادرة تركبي اتصلي بحد من عيلتك يجي ياخدك.

إستدار وكاد يمتطي ظهر حصانه حتى يعود وينجز شؤونه العالقة لكنه تراجع في آخر لحظة مفكرا بأنه ليس من الائق ترك شخص مصاب بمفرده في مكان خالٍ كهذا خاصة أنها امرأة لذلك ضغط على نفسه وعاد عارضا عليها المساعدة :
- تحبي اساعدك ؟

رغم خوفها من وجودها مع رجل غريب في أعلى التلة وقد بدأ الظلام يعم المكان إلا أنها لم تصل لحل آخر فأومأت ببطء وتقدم الآخر منها رافعا إياها بخفة ومحاولا قدر الإمكان ألا يطيل لمسها حتى لا تنزعج أو تنذعر، إعتدلت في جلستها وهتفت من خلف الوشاح بحرج وتردد :
- الدنيا ظلمة وانا خايفة اغلط في الطريق وأتوه ممكن تدلني ع الجهة اللي لازم اعدي منها عشان اوصل للبيوت اللي تحت ديه.

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن