الفصل السابع عشر : خليفة المنصب.

335 25 6
                                    


جاء الوقت الموعود واجتمع كبار البلدة لتلبية دعوة العمدة وكلهم يتساءلون عن سبب إقامتها من الأساس
وهاهي نيجار تترجل من سيارة آدم وتطالع المبنى الفخم بإعجاب ثم تنظر لحكمت التي كانت تقف بوقار وهي ترتدي عباءة كحلية اللون ومطرزة تظهر من أسفل معطف طويل ووشاح يلتف حول رأسها محكمة إياه بدبوس فضي فعقدت حاجبيها بنقمة معترفة لنفسها بأن هذه السيدة حقا تملك من الهيبة الكثير فإذا كانت تحضى بإحترام رجال المجلس وهم يلقون عليها التحية بحرارة هي وحفيدها في هذه الأثناء كلما فما بالها إذا بالنساء !

قطع وصلة تفكيرها وصول سيارة تعرفها جيدا ليخرج منها صفوان تتبعانه زوجة عمها وسلمى التي تعلقت عيناها بها في شوق لم تستطع منعه من التسرب إليها لكنها آثرت التحلي بالهدوء حاليا وتحركت إلى الداخل خلف حكمت غير أن آدم قبض على معصمها وأعادها هامسا في أذنها بخشونة :
-  اقعدي عاقلة ومتعمليش أي تصرف يضرني أو يحطني في موقف محرج انتي هنا بصفتك حرم الصاوي مش بنت الشرقاوي فـ اتصرفي ع الأساس ده.

تغضن وجه نيجار بضيق من أسلوبه وكلامه الباعثان في نفسها إزعاجا كبيرا بَيد أنها لم تبين له ذلك بل مالت شفتيها في إبتسامة صفراء ورشقته بنظرات باردة صقيعية :
- هفكر في كلامك مع اني مش متأكدة اذا همشي عليه ... ولا لأ.

كز على أسنانه وفتح فمه ليرمي عليها كلماته لكنه توقف مستدركا بأن هذا ليس الوقت والمكان المناسبين للجدال مع هذه الماكرة فتركها مشيرا لها بالدخول دون أن يغفل عن رشقها بنظرة محذرة متوعدة ...

تم اِستقبال الرجال والنساء في قاعتين منفصلتين بينهما جدار متين وقد حرصت زوجة العمدة بمساعدة الخادمات على تحضير كل ماهو فاخر للضيوف من أجل تشريف زوجها دلفت نيجار ونزعت معطفها ليظهر فستانها الشتوي الرمادي الذي انساب على جسدها بنعومة ووصل إلى ركبتيها أسفله حذاء جلدي وطويل يخفي الجزء الظاهر من ساقيها ذو لون أسود شابه لون الحزام المعقود حول خصرها وصففت شعرها الذي يصل لأسفل كتفيها بتموجات منظمة غير غافلة عن وضع إكسسواراتها الرقيقة فكانت لافتة للأنظار بهيأتها المحتشمة الناعمة وبالتأكيد لم تكن هذه النعومة تشبه طبيعتها الجامحة ..

إشرأبت أعناق النساء نحوها مطالعين إبنة عائلة الشرقاوي وكنة عائلة الصاوي التي لم تظهر في أي تجمع لنساء البلدة منذ زواجها من آدم وفي الحقيقة لطالما انتشرت الأقاويل عن سبب إختفائها فمنهن من قالت أم حكمت تعذبها ومنهن من ادعت سماع الإشاعات عن زوجها الذي يذيقها شتى أنواع التعنيف الجسدي حتى تغير شكلها وأخفوها داخل السرايا كي لا تظهر معاناتها للعيان.
إلا أنهن الآن وبعد ظهور نيجار أمامهن بصلابتها المعتادة تأكدن من مدى خطأ تلك الأقاويل خاصة أنها تبدو في أفضل حالاتها.

انتبهت هذه الأخيرة للنظرات والهمسات فزفرت بنفور تلاشى عند إبصارها لسلمى مجددا ولم تستطع هذه المرة منع نفسها من احتضانها هامسة بشجن :
- ازيك.

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن