الفصل الواحد والعشرون : هروب ... من الواقع.

365 25 6
                                    


كانت تقرفص مسندة رأسها على ركبتيها وتحطيه بذراعيها بسكون، مغمضة عيناها ترزح بين الغفلة واليقظة ووعيها يقل تدريجيا فبعدما غفت لدقائق قصيرة عادت واستيقظت وهي تتعرق كأن النوم جافاها أيضا، وكيف تنام في هذه الظروف أساسا ...

رفعت نيجار رأسها ببطء تلف بصرها في المكان من حولها فلم ترَ سوى تلافيف الظلام الذي لم تستطع فتيلة القنديل القديم ذاك القضاء عليه بنورها الضعيف. وفي كل الأحوال لا تعلم في أي وقت هم الآن وتجهل إن كان اليوم انتهى أو أن الشمس لم تسدل ستارها بَعَد.
وفجأة هاجمها الضوء من الخارج حينما اقتحم أحدهم الغرفة وفتح الباب على مصراعيها فرفعت عيناها المنتفختين للزائر واتسعتا وهي تراه واقفا أمامها !

شهقت واستندت على مرفقها كي تنهض مطالعة إياه بعينين تُنزلان وديانا مستمرة من الدموع غير مصدقة بأنه يقف أمامها في هذه اللحظة وارتجفت شفتاها هامسة باِسمه في ابتسامة هشة تزعزعت حين رفع مسدسه ووضعه على رأسها مباشرة مقابلا إياها بوجه يشع حقدا ويبصق كلماته المتوعدة عليها :
- جه وقت حسابك. 

وكأنها لم تسمعه، أمسكت قلبها الذي يكاد ينفرط من اللوعة ووزعت نظراتها على جسمه تتفحصه ان كان بخير حتى تركزت على الدعامة التي تثبت كتفه وذراعه لتشعر بالوجل وتتقدم خطوة واحدة منعها آدم من المتابعة حين دفعها لتعود للخلف وهنا أفاقت نيجار وهي تستمع لصوته المقتضب :
- رجعتي وعملتي نفس الغلطة رجعتي غدرتي بيا من تاني بس المرة ديه وانتي جوا حدود بيتي ومبتقدريش تخلصي مني ... غبية بس حقارتك ملهاش حدود.

- لا ... لا ...
تمتمت كلمات متقطعة تنفي ما يقال لكن آدم لم يعر اهتماما لإنكارها وكأنه مبرمج على عدم تصديقها وعلت نبرته بسخط حاد :
- كنتو مخططين لإيه تقتلوني غدر زي عوايدكم وابن عمك الـ*** ياخد مكاني مش كده وطبعا انتي ترسمي دور الزوجة الحزينة وتاخدي عزايا بدموعك الكدابة ديه.

انتفضت نيجار معترضة وهي تردد بتحشرج :
- لا أبدا والله العظيم أنا مليش دعوة متفقتش مع حد عشان اؤذيك مستحيل اعمل كده بعد ما عشت معاك وعرفتك يا آدم صدقني.

- بعد ما عشتي معايا وعرفتيني ليه انتي مكنتيش بتعرفيني لما غرزتي الخنجر جوايا ؟ كفاية ترخسي نفسك بالأكاديب ديه انتي كده كده ميتة على الأقل اعترفي بجريمتك قبل ما اخلص عليكي.
هدر آدم بنقمة عليها وبدأ يقترب منها حتى ألصقها في الجدار خلفها ووضع فوهة السلاح عليها مباشرة مردفا باِزدراء :
- يعني اتفقتو عليا فبيت العمدة وجيتي بعدها ودخلتي في حضني عادي كده بس تعرفي هو ده اللي بيناسبك انك تتصرفي زي بنات الشوارع وهتفضلي طول عمرك كده.

أحست بقلبها ينكسر لأجواء وبروحها تحترق وهي تستمع لإهاناته وكلماته الجارحة التي كانت لتردها عليه أضعافا في ظروف أخرى ولكنها الآن تقف عاجزة أمامه لسبب لا تعرفه تقابله بدموع وألم بدل أن تغضب وتستثير منتقمة لكرامتها !

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن